> تقرير/ عبدالله الظبي

مواطنون: عجزنا عن اقتلاعها والجهات المسئولة لم تحرك ساكنا
طغت أشجار السيسبان أو ما تعرف علمياً بشجرة (المسكيت) على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في مختلف مناطق دلتا أبين وحولتها إلى أشبه ما تكون بالغابات الكبيرة تمتد على طول وعرض بعدد من المديريات، ليصل زحفها مؤخراً إلى التجمعات السكنية وبعض الشوارع الرئيسية في المحافظة، متسببة خلال الفترة الماضية بهلاك المحاصيل الزراعية والخضروات وأشجار الفواكه، دون أن تحرك الجهات المختصة أي ساكن تجاهها، كما أصبحت الكثير من الأرضي مهددة بالخراب.
متخصص: أكثر من 8 آلاف فدان تصحرت بالدلتا بسبب هذه الشجرة
متخصص: أكثر من 8 آلاف فدان تصحرت بالدلتا بسبب هذه الشجرة

وتشتهر مناطق دلتا أبين بخصوبة تربتها الزراعية، وخاصة النوع المشهورة مثل أشجار المانجو والموز والليمون الحامض والزيتون، وغيرها من الأشجار الأخرى التي تزرع في هذه المديريات وتعد مصدرا رئيسيا للمواطنين.
 وقال المزارع حسين سالم: "طفت هذه الشجرة الضارة على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في العديد من مناطق الدلتا، ولهذا نحن في الوقت الحاضر بحاجة ماسة إلى تدخل سريع من قِبل منظمة الزراعة العالمية "الفاو" لاقتلاعها، وذلك من خلال دعم القطاع الزراعي في المحافظة، لاسيما بعد أن عجز المزارعون عن الخلاص منها، ليتمكنوا من إعادة زراعتها من جديد بمختلف أنواع المحاصيل".

وتحدث المزارع عبدالله سعيد عن جانب من معاناته بالقول: "خلفت هذه الشجرة أضراراً كبيرة في الأراضي الزراعية، المزارعون ليست ليدهم القدرة على اقتلاع هذه الآفة الخطيرة التي عطلت أراضيهم الخصبة، وعبر «الأيام» نناشد قيادة السلطة المحلية في المحافظة ومكتب الزراعة والرأي بسرعة التواصل مع منظمة "الفاو" والعمل على اقتلاع هذه الشجرة الخطيرة، حتى يعود المواطنون لإصلاح أراضيهم الزراعية التي تضررت كثيراً خلال الفترة الماضية".

فيما لفت المزارع علي صالح إلى أن "هذه الشجرة باتت تشكل إعاقة أمام المزارعين، لعدم مقدرتهم على اقتلاعها، وهو ما عرضهم وما زال لخسائر كبيرة"، مؤكداً بأن "لا حل لهذه المشكلة إلا بمتابعة قيادة السلطة المحلية في المحافظة والمديرية للجهات ذات الاختصاص لمساعدة المواطن باستئصالها من أراضيهم الزراعية".
 

نبات عدواني
من جانبه قال المهندس الزراعي عبدالقادر خضر السميطي في حديثه لـ«الأيام»: "شجرة السيسبان المعروفة علمياً بنبات (المسكيت)، وينتمي إلى عائلة الأكاسيا، ويُصنّفه بعض العلماء أنّه من البقوليات، بسبب شكل قرونِه التي تحوي البذور، حيث ينمو هذا النبات حتى ارتفاع 12م، بجذعٍ يصل عرضه إلى مترٍ وعشرين سنتيمتر، ويزهر النبات سريعًا بعد نمو أوراقه، وتصل قرُونها إلى 18 سم، ويُعدُّ السيسبان نباتًا عدوانيًا سريع الامتداد، ويرجع موطنُه الأصلي إلى أمريكا اللاتينية (بيرو)، ويتميز هذا النبات بطول جذوره التي تمتد عميقا وصولاً إلى الفرشة المائية، حيث اكتُشفَتْ على عُمق 53 مترًا في أحد المناجم في ولاية أريزونا الأمريكية، ولهذا تعتبر تلك الجذور من أعمق الجذور توغلَا في التربة على الإطلاق، ويعتبر (المسكيت) من النباتات المجتاحة أو الغازية، وهذا مصطلح يستخدم في علم الأحياء، لتصنيف نبات أو حيوان ينشر في بيئات مختلفة بطريقة مفرطة وعشوائية وغير طبيعية ويهدد الكائنات الأخرى التي تشترك معه في المحيط والبيئة التي يتمدد وينتشر فيها".

وأضاف: "هذه الشجرة استطاعت أن تغزو أراضينا الزراعية والوديان والسهول والطرق العامة لتصل إلى جوار منازلنا، ونقف حائرين أمام هذا الزحف لهذه الشجرة الخبيثة ولم نستطع عمل أي شيء لتوقيفها أو للحد من انتشارها، والمؤسف أن هناك من يروج لهذه الشجرة باعتبارها شجرة مفيدة ولها فوائد كثيرة بل عقدوا بشأنها دورات لتدريب بعض الشباب على كيفية الاستفادة منها، وهو ما أثر سلباً حيث تراجع العديد عن مكافحتها، ومع هذا هناك الكثير من المزارعين أدركوا خطورة انتشار هذه الشجرة وارتفعت أصواتهم عاليا مطالبة من أجهزة الدولة والمنظمات الدولية بضرورة تقديم المساعدة بإيجاد حلول ناجعة لمكافحتها واقتلاعها، ولكن للأسف الكل يتفرج ويتلذذ بضياع مساحات واسعة كانت صالحة للزراعة، وباعتقادي أن في دلتا أبين أكثر 8 آلاف فدان تصحرت بسبب انتشار (المسكيت) فيها وهذه المساحة أراضٍ زراعية 100 %، كما أن هناك مئات الآلاف من هذه الشجرة منتشرة في وادي بناء ووادي حسان والقنوات الرئيسية والفرعية وقد تغير مسار مياه السيول وتسبب بكوارث بيئية لن نستطيع معالجتها، فضلاً عن كونه نباتا منافسا وقاتلا لكل أنواع الغطاء النباتي، بدءًا بالأشجار ووصولًا للأعشاب التي ترعى عليها المواشي، كما أن طريقة نموها في تجمّعات كبيرة تجعل البقاع الظليلة أسفله موطناً مناسباً لكثير من الكائنات الضارة من الزواحف والحشرات والحيوانات البرية المفترسة، علاوة عن قضائها على المراعي مخلفة خسائر اقتصادية وبيئية للسكان، مع تسبب بذوره في تسمم المواشي في حال تناولت كميات كبيرة منها، السؤال الذي يطرح نفسه هو هل نستطيع مكافحة هذه الشجرة الخبيثة؟ الجواب نعم نستطيع، ولكن كيف؟ من الطرق المعتمدة في التخلّص من هذا النبات بعد قص جذعه، إحراق أسفل الجذع لدرجة تقتل فيه أي حياة، ويعتمد البعض وضع الإسفلت على وجه الجذع المقطوع لخنق النبات، أو صباغة تلك المنطقة بزيت المحركات المحترق، والذي يعتقد الكثيرون بأنها أفضل وسيلة بديلة عن الإسفلت وكذا من خلال استخدام الآليات الثقيلة لاقتلاعها من جذورها ويمكن الاستفادة منها بعد قلعها في إنتاج الفحم، حيث إن فحم هذه الشجرة من المنتجات الاقتصادية الحيوية التي تشجع على الاستمرار في مكافحتها، فالفدان الذي نمت فيه هذه الشجرة ينتج طناً من الفحم وأكثر من ذلك، وفي حال نجحنا في إزالتها سيتشجع المزارعون على استئناف الزراعة والعودة إلى أراضيهم بعد انقطاع دام عشرات السنين".

وطالب السميطي، في سياق تصريحه لـ«الأيام»، السلطة المحلية في المحافظة ممثلة باللواء أبو بكر حسين والإخوة في هيئة التخطيط الدولي والمنظمات الدولية الداعمة والجمعيات الزراعية والبحوث الزراعية والإرشاد الزراعي بـ "دعم مشروع زراعة شجرة السدر بكثرة في منطقة الدلتا والوديان والسهول والجبال وعلى الطرقات".

مطالبة بالتدخل
وأوضح مدير عام مكتب الزراعة والرأي بالمحافظة د. حسين فضل الهيثمي أن "هذه الشجرة دخلت إلى اليمن في العام 1924م وتحديداً لمديريتي الشيخ عثمان ودار سعد بعدن، ومن ثم إلى محافظة أبين عن طريق منطقة العلم إلى مدينة الكود".
وبحسب تصريح الهيثمي لـ«الأيام»: "فإن من أدخل هذه الشجرة لأول مرة هو العالم (مستر سيسبان) من أجل حماية المدن من زحف الكثبان الرملية وعمل حزم عليه".
مدير عام مكتب الزراعة والرأي بالمحافظة د. حسين فضل الهيثمي
مدير عام مكتب الزراعة والرأي بالمحافظة د. حسين فضل الهيثمي

وأضاف: "هناك ثلاثة أنواع غير منتشرة، الصنف الأخير منها هو المنتشر في المحافظة يسمى نبات (المسكيت) وهو من الأنواع الخبيثة، وأصبح بسببها نحو 200 ألف هكتار من الأرضي الزراعية الصالحة للزراعة مغطاة بها، كما يوجد 64 ألف فدان اليوم تزرع في مناطق دلتا أبين منها 55 ألف فدان تروى عن طريق مياه السيول"، مشيراً إلى أن "هناك أضرارا لهذه الشجرة من جانبين تتمثل الأولى منها في الجذور الباطنية لها والتي تمتص من خلالها المياه الجوفية والتي حرم بسببها الكثير من الأرضي الزراعية نتيجة لقلة نسبة المياه في مناطق دلتا أبين، والجانب الآخر وهو الضرر السطحي والناتج عن توسعها الكبير والتي غطت الكثير من الأرضي الزراعية، فضلاً عن كون مكافحتها صعبة جداً، ومن خلال «الأيام» نطالب المنظمات الدولية بمساعدة المزارعين في اقتلاع هذه الشجرة التي سببت بأضرار كبيرة على أراضيهم الزراعية، وقضت على الرقعة الخضراء فيها وحولتها إلى أراضٍ قاحلة، ونتمنى الاستجابة السرعية من قبل هذه الجهات المعنية خصوصاً أن هناك نسبة كبيرة من سكان مناطق دلتا أبين يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل أساسي لهم".​