> بروس رايدل
شكّل استيلاء الجنوبيين على عدن الأسبوع الماضي هزيمةً نكراء للحملة السعودية لإعادة تنصيب الرئيس عبد ربه منصور هادي. فقد خسرت حكومة هادي العاصمة والميناء الأكبر في الجنوب، وتمّ القضاء على قبضته المتهلهلة أصلاً على الحكم. وتشكّل الهزيمة السعودية أيضاً نافذةً على تاريخ المملكة المعقّد مع الجنوبيين وحركة الاستقلال في عدن.
وفي العام 1968، طردت حركةٌ قومية عربية بقيادة الماركسيين وبدعم من الاتحاد السوفياتي البريطانيين خارج البلاد. فغدت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الدولة الشيوعية الوحيدة في العالم العربي. وضمّت هذه الجمهورية عدنَ أيضاً وإمارات جنوب اليمن السابقة التي حكمها البريطانيون بشكل غير مباشر كمحميات.
وفي العام 1989، كان أسامة بن لادن قد خرج لتوّه من انتصار المجاهدين في أفغانستان ضد الروس واقترح على القيادة السعودية أن يقود حملة جهاد لتحرير الجنوب من الشيوعيين. فرفض تركي بن فيصل، رئيس المخابرات السعودية، آنذاك، طلبه بلباقة بحجّة أنّ الجنوب في طور الانهيار من تلقاء نفسه.
وكانت الوحدة ضرورية لكنّها شكّلت حبّة سمّ للكثير من الجنوبيين. فقد مال صالح نحو العراق في الأزمة الكويتية التي نشبت في وقت لاحق من العام 1990م، فطرد السعوديون مليون عامل يمنيّ من المملكة لمعاقبته.
وموّلت الرياض سرّاً التمرّد واشترت أسلحة للمتمرّدين من السوق السوداء من أوروبا الشرقية. وكان وزير الدفاع آنذاك الأمير سلطان بن عبد العزيز وابنه الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة في واشنطن، على رأس المخطّطين.
وعندما وصل الربيع العربي إلى شواطئ اليمن في العام 2011م، انضمّ الجنوبيون إلى حملة إسقاط صالح، وانضمت الرياض إلى الحملة أيضاً لكنّ مرشّحها المفضّل كان هادي، الذي كان واحداً من الجنوبيين الذين خدموا في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وخضع لتدريبات لسنوات في الاتحاد السوفياتي.
عوضاً عن ذلك، كان هادي كارثة، فقد طرد الحوثيون حكومته من صنعاء في مطلع العام 2015، مما أطلق شرارة التدخّل السعودي والحرب التي ولّدت الكارثة الإنسانية الأسوأ في العالم. وفقد هادي الآن سيطرته على عدن وولّد الانفصاليون حرباً أهلية ضمن الحرب الأهلية مع دعم المملكة العربية السعودية الخاسرين باستمرار.
ورغماً من قرون الخبرة التي تتحلّى بها المملكة العربية السعودية في التعامل مع اليمن منذ نشوء الدولة السعودية في أربعينيات القرن الثامن عشر، طغى على المملكة تاريخٌ طويل من النكسات في اليمن.
* باحث كبير في السياسة الخارجية بمركز بروكنجز - مشروع الاستخبارات.
"معهد بروكينغز"