> تقرير/ خاص:

يُعاني سكان محافظة الحديدة الكثير من المشكلات الخدمية أبرزها استمرار انقطاع خدمة المياه عن المنازل نتيجة لتعرض أنابيبها الخاصة للكسور بسبب حفريات الحوثي وانقطاع التيار الكهربائي، وكذا زيادة استهلاكه خلال فصل الصيف الذي يبدأ في شهر مايو وينتهي في شهر أكتوبر الجاري من كل عام في هذه المدينة الساحلية.
ولجأ قاطنو بعض الأحياء السكنية إلى حفر آبار خاصة بهم في أحواش منازلهم أو بجلبه من المساجد أو الشوارع القريبة، فيما غادر آخرون في هذا الصيف المدينة بسبب الانقطاع المستمر للخدمة عنهم.

وتتجلى حياة وملامح الريف بوضوح لدى سكان شارع أربعة وعشرين الذي يتوسط المدينة وأحياء السلخانة والخمسين والثلاثيين وأخرى في شارع الأربعين، نتيجة لأزمة شحة المياه فيها.

انقطاع منذ سنتين
وتوضح زينب سعدون، وهي أحد سكان حي الخمسين، أن الماء انقطع على الحي منذ سنتين، الأمر الذي اضطر ابنها إلى حفر بير في حوش منزله استفاد منه هو وأهل الحارة أجمع، بحسب قولها.
وتضيف سعدون (70 عاماً) لـ "الأيام": "كثيراً ما جمعت نساء حارتي وخرجنا للمطالبة بعودة المياه ولكن دون أن نجد أي تجاوب، وحينما أصبت باليأس ووجدت حوش منزلي فرصة لحل هذه الأزمة من خلال البدء بحفر بئر فيه، والحمد لله يستفيد منها الأن أهل الحارة وأحياء قريبة منا".

وباتت الكثير من النساء والأطفال يرتصون في طوابير أمام منزل الحاجة زينب والمنازل الأخرى المماثلة في الأحياء الأخرى التي يتوفر في باحاتها وأحواشها آبار.
ويقوم سكان هذه البيوت بإخراج أنابيب بلاستيكية، بهدف تمكن المواطنين من الحصول على خدمة المياه كمبادرة وإغاثة منهم للمتضررين من المواطنين.

أم سلمى هي الأخرى تعيش في منزل بالإيجار يتميز بوفرة المياه، وهو ما جعله قبلة للسكان، فضلاً عمّا يقوم به أبناؤها الخمسة من نقل الماء إلى منازل الجيران بواسطة عربية صغيرة كخدمة مجانية منها.

أسباب كثيرة
وترجع مشكلة المياه في المحافظة إلى عدة أسباب منها: توقف المضخات عن العمل بسبب انعدام الموقود للكثير منها، وكذا لحفريات التي قامت بها قوات الحوثي الانقلابية والتي أدت إلى تكسير العديد من الأنابيب (مواسير) المياه، وبالتالي حرمان السكان المحليين من الخدمة، الأمر الذي أجبر الغالبية منهم إلى النزوح بحثاً عن الخدمة التي حُرموا منها.

وتزيد الحاجة إلى استخدام المياه بكثرة خلال فترة الصيف نتيجة للارتفاع درجات الحرارة في المدينة والتي تجاوزت هذا العام الـ 45 درجة مئوية.
وأوضح مواطنون في أحاديث متفرقة لـ "الأيام" أنهم يضطرون خلال هذه الأيام، التي تشهد فيها المدينة حراً شديداً وانقطاعاً للتيار الكهربائي، للاغتسال نحو 4 مرات في اليوم الواحد، فضلاً عن استهلاكهم الكبير للماء في غسل الثياب والأواني وغيرها.

ويقول المواطن سالم حمود، وهو من سكان الحديدة الأصليين: "نتيجة لتزايد استخدام المياه في هذه الفترة تتعرض العديد من الأحياء، وخصوصاً الفقيرة منها، للحرمان من هذه الخدمة، وهو ما يزيد من معاناتهم".
وأوضح في حديثه لـ "الأيام" أن بعض المناطق في المدينة ستشهد عودة للمياه خلال فصل الصيف المقبل، غير أن المعاناة ستستمر في الكثير من الشوارع والحارات بسبب الحفريات التي أدت لقطع الأنابيب فيها.

وعاش أبناء المحافظة خلال هذا الصيف، الذي أوشك على الانقضاء، شهوراً وصفتها الحاجة مسك بـ "الجحيم"، مضيفة لـ "الأيام" بلهجتها العامية: "عرفنا الحر على أصوله، حرقنا واشتوينا نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي".

اللجوء للبديل
وبات بعض السكان يعتمدون على الطاقة الشمسية كبديل عن الكهرباء التي حرمت منها المدينة بسبب الحرب الدائرة فيها، غير أن الكثير من الأسر تلاقي صعوبة في توفير لقمة العيش وهو ما حال دون تمكنها من شراء الألواح الشمسية، كما هو الحال مع أسرة أم سناء، والتي يُعاني زوجها من مرض القلب، وتسبب بتأزيم مشكلته الصحية.

يقول مواطنون لـ "الأيام" إن الحرارة الشديدة وانقطاع التيار الكهربائي تسبب بإتلاف الخضروات ولفواكه عليهم، وزيادة الطلب على الثلج وإعطاب بعض الأجهزة المنزلية.
وتؤكد المواطنة مسك علي، أنها تجد صعوبة خلال الصيف في شراء الثلج الذي يرتفع سعره بشكل جنوني وتعجز كثير من الأسر على توفيره.

وتشير إلى أنها نحتاج في اليوم الواحد إلى سبعمائة ريال لشراء الثلج لتوفير الماء البارد أو شربه حاراً.
وأعزى محمد الشرعبي السبب الرئيس في ارفاع سعر الثلج في المدينة إلى نقله من مصانع المحافظة إلى صنعاء ومدن أخرى.

ويصف عامر محسن وهو بائع خضروات فصل الصيف بـ "المرض" الذي يتلف الكثير من المحاصيل الزراعية.