> تقرير/ سليم المعمري

ما يزال الطلاب اليمنيون في روسيا بلا مستحقات مالية منذ عدة أشهر وسط غياب تام للسفارة والملحقيات المعنية لحلحلة مشاكلهم وإبلاغ الجهات ذات العلاقة في البلاد لصرف مستحقاتهم.

وبدلاً من أن تقوم السفارة بالاستماع لمعاناة الطلاب المطالبين بحقهم عمدت إلى استدعاء الشرطة الروسية لاعتقالهم بعد أن قدمت ضدهم تهماً كيدية، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً من أبناء البلاد على منصات شبكة التواصل الاجتماعي تضامناً مع أبنائهم الطلاب ورفضاً لممارسات السفير لدى موسكو.

معاناة متكرر
يقول رئيس رابطة الطلاب اليمنيين في مدينة "فولغاغراد" أنور السفياني لـ«الأيام» وهو مبتعث للدراسة في روسيا: "إن مشكلة الطلاب اليمنيين الموفدين للدراسة في الخارج تكاد تكون واحدة في مختلف الدول وتتكرر بشكل دائم، منها عدم وصول مستحقاتهم المالية بشكل منتظم، مما يتسبب بمضاعفة معاناتهم وأسرهم، وصولاً إلى فصلهم من الجامعات لعدم قدرتهم على دفع الرسوم".
طلاب اليمن بروسيا.. بلا مستحقات مالية
طلاب اليمن بروسيا.. بلا مستحقات مالية

ويؤكد السفياني أن الجامعات الروسية بدأت في إرسال إنذارات للطلاب اليمنيين بالفصل وحددت بعض الجامعات يوم غد الجمعة آخر مهلة لدفع الرسوم في كلية الطب جامعة "فولجاجراد" الحكومية، مشيراً إلى أنه قد تم منعهم من دخول امتحانات العام الماضي والتطبيق، في وقت لم ترسل رسوم العام الدراسي الماضي والحالي من قبل وزارة التعليم العالي في البلاد.

ويضيف: "ترتفع الأسعار في الدول التي ندرس فيها، لكن ما نحصل عليه من الحكومة اليمنية ثابت ولا يراعي هذا الارتفاع، ومع ذلك لا يصل، ولا يتابع المعنيون وضعية هؤلاء، والمؤسف أن هناك طلابا على وشك التخرج أو المناقشة، وفي حال لم يتم تسديد الرسوم المتوجبة عليهم يتسبب الأمر في منعهم من التخرج في الوقت المحدد، وقد يتأخر تخرجهم لعام إضافي أو أكثر من عام".


وتابع حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "مع كل هذا ذهبنا إلى سفارتنا في موسكو بطلب من مدير قطاع البعثات د. سالم الطاهري لعقد اجتماع بهدف مناقشة قضايا الطلاب ولكن فوجئنا أنه فخ، فبمجرد وصولنا استدعى السفير أحمد الوحيشي الشرطة ومكافحة الشغب وقاموا باعتقال مجموعة من الطلاب والزج بهم في السجن"، مؤكداً في السياق أن "الوحيشي يعمل على تشويه صورة الحكومة الشرعية ويخدم الانقلابيين الحوثيين بشكل واضح".

ولفت السفياني إلى أن هناك أوامر حكومية صدرت بسرعة إطلاق زملائه المعتقلين غير أن السفير تمرد على تلك الأوامر ورفض التحرك لإطلاقهم، محملاً إيها كامل المسؤولية عن حياة ومستقبل زملائه والذين قدم يتم ترحيلهم في أي لحظة، كما قال.

█ «نطالب بحقوقنا»
فيما أكد يوسف مرعي، وهو أحد الطلاب الذين تعرضوا للاعتقال من قِبل الشرطة الروسية، أن خروج الطالب اليمني للاعتصامات ليس فرحاً بل أخرجه الجوع والمطالبة بحقه، نتيجة تأخر المستحقات وعدم إرسالها في وقتها المحدد.

وأضاف: "السفير وشى بي للشرطة الروسية بأنني أحرض للاعتداء على البعثة الدبلوماسية، وهي تهمة كيدية"، موضحاً أن السبب وراء وشاية السفير به هو أنه وقف "ضد تصرفاته غير المسئولية وغر الأخلاقية".

ولفت مرعي في حديثه لـ«الأيام» إلى أن "السفير يعمل منذ تم تعيينه ضد اليمنيين وخصوصا الطلاب".

وقال: "قضيتنا الآن أكبر من مستحقات، قضيتنا رد اعتبار للطالب اليمني والمواطن اليمني على تصرفات السفير غير الوطنية، وما نرجوه من الحكومة في الوقت الحالي أن تقوم بأعمالها كم يجب وأن تحسن اختيار دبلوماسيتيها، ما لم فإننا لن نالوا جهداً في محاربة الفاسدين ومقارعتهم مهما كلفنا ذلك من ثمن، هي رسالة أيضاً لكل شاب يمني ألا يقف مكتوف الأيدي وأن يوقف كل هذا العبث، وهي رسالة لرئيس الجمهورية بأن يقف إلى جانب أبنائه الطلاب مشاعل الضوء في هذا الأفق المعتم".

█ «مجرّد فخ»
رئيس رابطة الطلبة اليمنيين في جامعة الصداقة بموسكو الطالب عبدالقادر عمر عبدالله البيضاني، سنة رابعة هندسة نفط وغاز، قال لـ«الأيام» معلقاً على عملية الاعتقال التي تعرض لها بعض زملائه: "قبل أيام أعلنت السفارة على صفحتها الرسمية في "الفيس بوك" لحضور اجتماع مع مدير البعثات د. سالم الطاهري، لمناقشة قضايا الطلاب المبتعثين في روسيا الاتحادية، وعند حضورنا في اليوم المحدد للقاء، اجتمعنا كلنا كممثلين ورؤوس الروابط من جميع مدن روسيا، بل وبعضهم أتى من مناطق تبعد 1500كم عن العاصمة موسكو، وعند حضورنا إلى السفارة فوجئنا بأن أبواب السفارة مغلقة بأوامر من السفير الوحيشي، وأن الاجتماع الذي دعت إليه السفارة كان مجرد فخ ولم يكن هناك أي اجتماع بل منعنا من الدخول وأجبرنا على الانتظار في الشارع في وسط البرد والرياح، ولم يكتف بذلك فقد قام باستدعاء الشرطة ومكافحة الشغب، حيث قامت هي الأخرى بالاعتداء علينا وطردنا من أمام باب السفارة وقامت أيضاً باعتقال عدد من زملائنا في تمام الساعة 3 عصراً، كما قام ضابط الشرطة بتهددينا بأنه سوف يقوم بترحيل أي طالب يأتي أو يحاول الدخول للسفارة".

واستطرد حديثه بالقول: "ظل زملاؤنا قابعين في السجون الروسية من الساعة الثالثة عصرا حتى اليوم التالي حينما أفرج عنهم بضامنة مالية، فيما لا تزال قضيتهم قائمة".

تجاوزات
وهو ما أكده علي جميل، وهو سنة ثالثة هندسة نفط وغاز، وعضو في اللجنة التنفيذية للرابطة في الجامعة الروسية للصداقة بين الشعوب بالقول: "قبل ثلاث أيام تم دعوتنا من قِبل الملحقية الثقافية بسفارة الجمهورية اليمينة بموسكو للاجتماع بمدير عام البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمناقشة أهم قضايا ومشاكل الطلاب الدارسين في روسيا الاتحادية، وتلبية للدعوة توجهنا إلى السفارة بحسب الموعد، لكن فوجئنا بغلق السفارة أمام وجوهنا وتم منعنا من مقابلة مدير البعثات، ولم يكتفوا بذلك بل تم استدعاء الشرطة الروسية وقوات مكافحة الشغب بتوجيهات من السفارة اليمنية واعتقال اثنين من زملائنا واحتجازهما في السجن الروسي، كما قامت الشرطة الروسية بتهديدهما بالترحيل من روسيا بأوامر من السفارة اليمنية، والمؤسف بأن هذه التصرفات والتجاوزات من قبل الجهات المعنية تجاهنا تأتي في الوقت الذي نعاني فيه أيضاً من عدم صرف مستحقاتنا لأكثر من 6 أشهر، فضلاً عن إهمال السفارة بتوصيل أصواتنا للداخل من أجل صرف تلك المستحقات، وهذه ليست المرة الأولى، فقد تجاوزت سفارتنا كل الأعراف الدولية. ونطالب حكومتنا الشرعية بالوقوف بجانب الطلاب والإفراج الفوري عن المعتقلين بالسجون الروسية ومحاسبة المسؤولين على ذلك".

اتهامات خطيرة
وأضاف واس شريف، وهو أحد الطالبين اللذين تعرضا للاعتقال: "وجهت لنا دعوة بشكل رسمي من قبل السفارة للقاء السفير ومدير عام البعثات لمناقشة قضايا الطلاب ومستحقاتهم، كانت الدعوة لرؤساء الروابط الطلابية في كافة المدن الروسية، ولكننا تفاجأنا عند وصولنا بأن أبواب السفارة مغلقة وفي ذات الوقت استدعت السفارة الشرطة الروسية وأخبرتهم بأننا نشكل خطرا على حياته وعلى إثر ذلك اعتقلتنا قوات الأمن الخاصة الروسية، وعند اعتقالنا أخبرتنا الشرطة أنها أبلغت سلطات روسية عليا بأنها لم تلقِ القبض علينا إلا بناء على طلب من السفير".

وتابع بالقول: "أثناء التحقيق أبلغتنا الشرطة أنهم اعتقلونا بطلب من السفير، وبعد التحقيق تعاطفوا معنا حينما عرفوا بأننا جئنا بناء على إعلان بعقد لقاء لمناقشة مشاكل الطلاب واطلاعهم عليه واستغرابهم من تصرف السفير".

وبحسب شريف، فإن التهمة الموجهة إليهم من قبل السفير بأن الطلاب المعتصمين يشكلون خطرا على حياته، وأن الطلاب كإرهابيين وفقا للمادة 205 من قانون العقوبات الروسي المادة المعنونة في إطار ما يسمى الأعمال الإرهابية.

وقال: "هذه تهمة خطيرة رفضناها جملة وتفصيلاً، وهو ما يعني أن التهمة سترسل إلى محكمة موسكو والإجراءات المترتبة على هذه التهمة غرامة مالية كبيرة، إضافة إلى السجن قد يصل من 12 إلى خمسة عشر عاما".

وأشار في حديثه لـ«الأيام» إلى أنه خرج وزميله المعتقل بضمانة مالية، فيما لا تزال القضية قائمة، ولم يتدخل السفير أو السفارة بأي جهد، مضيفاً: "للأسف إن سفيرنا يكذب كما كذب من قبل من خلال قراءتنا لبعض ردوده أن جهوده تكللت بالنجاح للإفراج عنا بينما هو الذي استدعى الشرطة لاعتقالنا".

وأكد شريف بأن طلبه وجميع الطلاب الدارسين في روسيا وفي كل دول الابتعاث هو محاسبة الوحيشي وإحالته للتحقيق على كل مخالفاته.

وأضاف متسائلاً: "نحن في الحركات الطلابية في روسيا أول من وقف مع فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي عند انقلاب ميليشيات الحوثي وما زلنا كذلك، ولكن نريد جوابا شفافا منه ومعرفة موقفه تجاه هذا السفير وما سبب التغاضي عنه بعد كل المخالفات التي قام بها".

واختتم حديثه بالقول: "مؤخراً سمعنا أن الجهات المعنية سترسل بالمستحقات المالية التي يفترض فيها أن يسلموا لنا خلالها الربعين الثاني والثالث، ولكن سيتم تسليم الربع الثاني فقط وعلينا أن ننتظر نصف عام حتى يصرفوا لنا الربع الآخر".

█ «الملحقية هي من تفتعل الزوبعات»
من جهته علّق مدير عام البعثات بوزارة التعليم العالي د. سالم الطاهري، والذي يتواجد حالياً في العاصمة الروسية موسكو، عن معاناة الطلاب بالقول: "نحن دائماً في خدمة الطلاب، ولكن هذه زوبعة اختلقتها الملحقية الثقافية لكوني مكلفا من الوزارة بالاطلاع على عملها، ولهذا السبب لجأتْ لاختلاق تصرفات بقصد عرقلة عملنا، ومنها قضية الطالبات الثلاث واللاتي أضربن عن الطعام للمطالبة بمستحقاتهن من عام 2016م، وهنا نحن نسأل أين كنّ خلال السنين الماضية ليأتين اليوم للمطالبة بها؟، وهذا بحد ذاته دليل على التعبية ضدنا ولكن نؤكد بأننا لن نستسلم لهم، كما نؤكد أيضاً بأننا دائما مع من له حق وأنا خريج روسيا وأدافع عنهم دائما وخدمتهم كثيرا للمعلومية".

وفي رده عن لـ«الأيام» عن رأيه حول اعتقال طالبين بناء على بلاغ من السفير أحمد الوحيشي للشرطة الروسية وعن سبب غيابه عن الموعد المحدد للقاء بهم قال: "بخصوص الاعتقال لا أعلم عنه، وأما عن سبب غيابي بالموعد المحدد المعلن عبر صفحة الملحقية للقاء الطلاب فكان نتيجة لتعرضي لوعكة صحية بسبب برودة الجو، وقد أبلغت بهذا الشأن رئيس الرابطة باتصال هاتفي".