> منصور الصبيحي

كثيراً كان هو اللغط على تشكيلات القوات المسلحة في عهد الرئيس المخلوع صالح بما حدا بالكثير إلى وصفها بالجيش العائلي، ومن الأسباب البارزة لهذا حول تلك الأرتال من الألوية بقوام جيش جرار معظم قادته وأفراده تنتسب لقبيلة معينة تدين لها بكامل الولاء والطاعة، بل وتتلقى أوامرها من جهات محسوبة عليها، وهي لا تجلس على كرسي وزارة الدفاع.

والدليل على ذلك أن وزير الدفاع محمود الصبيحي، المعين خلفا لمحمد ناصر أحمد آنذاك، نوّه في سياق رد له على سؤال من احد المواطنين مفاده "لما لا يحرك الجيش لردع الحوثيين؟"، وكان هذا أثناء زيارة قام بها الوزير الصبيحي للحدود الغربية للجنوب في كرش، ومن بعد وصول الحوثيين إلى مشارف محافظة تعز وتأهبهم للدخول إلى عدن، المعنى الذي تلخصه الإجابة الشافية على خلفية السؤال من أنه لا يملك إلا كرسي الوزارة الذي يجلس عليه.

وهذا ما يدلل عل المصداقية والتي يتمتع بها الرجل وتعامله مع الواقع؛ بل وبعده عن الغرور والمزايدة. وفي كل الحالات بما يعطي مؤشراً واضحاً على عدم إمكانية الرئيس هادي من فعل شيء حيال الحوثيين؛ لأنه توجد الكثير والكثير من التسهيلات لهم من قِبل السلطة الفعلية على الأرض في صنعاء وبجيشها العائلي. وأيضا رسالة وجهها من هذا المكان الهام للجنوبيين ليلتقطها من التقط.. والحليم تكفيه الإشارة، وهي مبنية نصاً وضمناً على ضرورة الدفاع عن أرض الجنوب استشعاراً لعِظم المسؤولية الملقاة على عاتقه وبزيارته للخطوط الأمامية لقوات المقاومة الجنوبية في طور تشكلها الأول.

ومن هذا المنطلق من واقع الحرص منا، فمن حق كل واحد أن يفرح وبكل إنجاز لرأب الصدع بين الفرقاء الجنوبيين، وبما احتواه ونصّ عليه الاتفاق من ضرورة توحيد عمل تشكيلات الألوية العسكرية من هي بيت القصيد وفي المرحلة بالذات؟.

مع علمنا علم اليقين أن الأمر سيتطلب عملاً شاقاً ومضنياً للجانبين الشرعية إلى جانب الانتقالي، ومن أبسط الأسباب تلك. هو البناء الذي قامت عليه تلك التشكيلات العسكرية وبما تخللها من فساد يشوبها، بحيث أنه تم استقطاب من منتسبي تلك الألوية أفراد وضباط من قِبل كل قائد لواء مفصلين بالتمام والكمال على مقاس ذلك القائد نفسه، من حواشيه وقبيلته وصولا إلى أتباعه ومعاونيه تقاسماً بين البين كلاً على وزنه وثقله، والأمر لا يقتصر عل ألوية الشرعية وحدها؛ بل وأيضاً الألوية التابعة للمجلس الانتقالي.

ومن هذا الباب يمكننا القول: أفلا يعد ذلك إلا تكريس لنفس نهج صالح في ترتيب جيشه، وبحيث لم يقم البناء على أسس وطنية؛ ولكن قام على فرز قبلي عشائري مناطقي، كل قائد يضع من أفراد أسرته في الصف الأول، ومن ثم يكن الترتيب على مستوى القرابة إلى البعد هكذا من الأعلى إلى الأدنى.

لهذا أملنا فيكم كبير يا سيادة الرئيس الشرعي هادي، ويا سيادة رئيس المجلس الانتقالي الزبيدي، وخصوصاً وبعد خطوتكم لهذه الخطوة الجبارة من أن لا يغيب عن بالكم ذلك، من إعادة ترتيب القوات المسلحة الجنوبية بما يتناسب مع المتطلبات الحالية وإفرازاتها المرحلية للشعوب المغلوبة على أمرها، وشعبنا الجنوبي ليس إلا واحدا منها، وأنتم على أتم الدراية بذلك. فعشمنا فيكم كبير أن لا تتركوا الأرضية مهيأة لمن قد يأتي يوماً بعدكم لا سمح الله ليوقعنا في دوامة الماضي الرتيب للرئيس المخلوع صالح وأعوانه.