> عدن «الأيام» خاص:

يثير الصمت تجاه تحركات رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني في عاصمة الجنوب عدن ومحافظات جنوبية أخرى، تساؤلات سياسية مشروعة حول مواقف الانتقالي وخياراته السياسية في واقع معقد من الشراكات والتحالفات.

فبحسب الصحفي الجنوبي البارز صلاح السقلدي، لم يصدر عن الهيئات العليا للمجلس الانتقالي أي موقف علني يعترض أو ينتقد نشاط مجلس النواب اليمني، رغم ما تثيره هذه التحركات من حساسية في الشارع الجنوبي. ويرى السقلدي أن المجلس الانتقالي يجد نفسه في موقف بالغ التعقيد يمنعه من الدخول في مواجهة مباشرة مع مجلس النواب، لأسباب تتعلق بتركيبة السلطة الجديدة التي تشكلت برعاية التحالف العربي، والتي تضم كلا من المجلس الانتقالي ومكونات الشرعية اليمنية التقليدية.

ولعل أبرز تلك الأسباب، كما يرى السقلدي، أن البرلمان اليمني الذي ينشط اليوم في عدن هو ذاته الذي شهد مراسم أداء اليمين الدستورية لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بمن فيهم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، عقب إعلان تشكيل المجلس في أبريل 2022. كما أن عددًا من قيادات الانتقالي أو المقربين منه لا يزالون أعضاء في مجلس النواب، ما يزيد من حراجة الموقف ويدفع الانتقالي نحو الصمت تفاديًا لإثارة التناقضات الداخلية أو التشكيك بشرعية المؤسسات المنبثقة عن التحالف.

وفي منشور آخر أكثر صراحة، توجه السقلدي بأسئلة محرجة لقيادة المجلس الانتقالي، متسائلًا عن طبيعة المرحلة التي يعيشها المجلس: هل هو في وضع "ثورة" تسعى لتغيير جذري وشامل؟ أم في وضع "دولة" تمارس الحكم وتتحمل مسؤولياته؟. ويستطرد السقلدي: "إن كنتم في وضع الدولة، فأين هي هذه الدولة؟ وما اسمها؟ ولماذا لا تقومون بواجباتكم تجاه المواطن؟ وإن كنتم في وضع الثورة، فلماذا تخلّيتم عن وسائلها وتحالفتم مع من قامت الثورة ضدهم؟ بل وتشاركونهم السلطة في عدن، عاصمة الجنوب، وليس في صنعاء عاصمة سلطتهم؟".

هذه التساؤلات تشير إلى تناقض جوهري في خطاب المجلس الانتقالي، الذي يجد نفسه مضطراً للجمع بين شعارات الثورة الجنوبية والسعي لاستعادة الدولة، وبين التعايش مع مؤسسات "الشرعية اليمنية" ضمن إطار مجلس القيادة الرئاسي، في وقت لا تزال فيه قضية الجنوب بلا حلول واضحة، والواقع المعيشي والسياسي في تدهور مستمر.

وبينما تتوسع تحركات البرلمان في المحافظات الجنوبية تحت غطاء الشرعية والشراكة، وتتراجع الحماسة الشعبية لفكرة الاستقلال، تزداد الضغوط على قيادة الانتقالي لتحديد بوصلتها السياسية بوضوح، إما الاستمرار في الشراكة مع خصوم الأمس ضمن صيغة "الدولة الاتحادية"، أو إعادة إحياء أدوات الثورة الجنوبية بما تحمله من مخاطر التصعيد والمواجهة.