لم يمضِ عام على إعادة تشغيل الإشارات المرورية الضوئية في وسط مديرية الشيخ عثمان في، أبريل العام الماضي، بعد 23 عاماً من التوقف، فرحنا كثيراً يومها بهذا الحدث وصفقنا وهللنا وقلنا هذه المديرية هي الأفضل، وبتشغيلها عادت الحركة المنتظمة للمدينة، ووقف أمامها الجميع سواسية في الانتظار، والكل كان يردد ويقول الدنيا بخير، وهذه بداية الغيث لعودة الحياة الطبيعية والحركة السلسة والمنتظمة في كل مديريات عدن.

قللت انعكاساتها الإيجابية من الفوضى المرورية وساهمت في زيادة حركة التسوق، وانتهاء الازدحام المروري، وبالطبع هذا يزيد نشاط الحركة التجارية الذي به تتضاعف إيرادات المديرية والضرائب ورسوم البسطات وكل الإتاوات القانونية وغير القانونية، حتى كانت المطاعم وأسواق القات لا تخلو من زيارة الموظفين والعمال الصغار لها، وهذا يكفي أنها ساهمت في دفع عجلة النشاط التجاري والأهم من هذا أنها جعلت المواطن ينتظم ويحترم قواعد السير.

فوجئت، يوم أمس، أثناء مروري في الشارع الرئيسي في الشيخ عثمان، بوجود ثلاثة جنود من شرطة السير ينظمون الحركة، سألت رجلاً عجوزاً كان يجلس على جانب الطريق يمضغ وريقات القات، عن أسباب توقف عمل الإشارات المرورية الضوئية التي أعيد تشغيلها قبل أقل من عام، وإذا به ينفجر من الضحك ويقول: "أنت في اليمن هؤلاء لا يحبون النظام، تصور أن رجال المرور يقومون بإصلاح أي عطب فيها من رواتبهم، لكنهم لا يستطيعون أن يشتروا بطارية والمديرية فقيرة.. إيراداتها لا تكفي لشراء بطارية وهو يضحك ويقهقه حتى كاد يختنق من الضحك"، فهمت من حديثه أن تشغيلها يحتاج لبطارية، فيما إيرادات المديرية لا تكفي لشرائها.

هل فعلاً أنها لا تكفي لشراء بطارية؟ أم أن العقول نفسها بحاجة إلى بطاريات، لتستوعب أن تشغيل الإشارة الضوئية سيجعل الناس تنتظم، وسيزيد من تنظيم الحركة والإيرادات؟ سنبقى عاماً بعد عام نتساءل، ولن نجد إجابة شافية إلا ضحكة العجوز وقهقهته التي ضحك معها كل المارة.

فهل ستضيء ضحكته إشارة المرور؟