تعد البطالة واحدة من أكثر تجارب الحياة إحباطاً، والتي لها عواقب نفسية كبيرة على حياة الناس، فالعاطلون عن العمل لفترة طويلة أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للاضطرابات النفسية من أولئك الذين لديهم وظيفة، ولهذا يحتاج العاطلون عن العمل إلى إستراتيجيات الدعم النفسي، التي تخفف المستويات العليا من القلق والاكتئاب لديهم، بسبب الإفراط في التفكير بين الاعتراف بالنفس كشخص ناجح وغياب العمل.

الدعم النفسي في ميدان البطالة هو عبارة عن منظومة من الطرق والأساليب الاجتماعية والنفسية التي تهدف إلى زيادة قدرة الشخص العاطل عن العمل على التكيف مع ظروفه المؤقتة المرتبطة بفقدان الوظيفة أو البطالة، وللأسف مجال إستراتيجيات الدعم النفسي في اليمن للعاطلين عن العمل ضعيفة جداً، وتكاد لا تذكر رغم أن البطالة الرسمية تنمو بوتيرة عالية والمواطن يمر في أتعس ظروف حياته من حروب داخلية لا تتوقف، وفقر، ومجاعة أضف عليهم البطالة، التي أجبرت الكثير من الشباب على الذهاب إلى جبهات الحرب من أجل الحصول على راتب يغطي مصروفهم، ومنهم من يعيل أسرته من هذا الراتب الخطر، الذي قد يفقدون بسببه إما حياتهم أو توازنهم النفسي، بينما هناك آخرون من يتبع إستراتيجية التدمير الذاتي من خلال الابتعاد عن المشكلة إلى (القات، إدمان المخدرات).

في الدول المتحضرة هناك برامج نفسية فردية وجماعية للدعم والتكيف النفسي للعاطلين عن العمل، ومن بين هذه النماذج الأكثر شيوعاً هي برامج التكيف الاجتماعي المنفذة في النوادي، حيث تقيم فيها الدورات النفسية التي تناقش العمل والبطالة، وقد تم تصميم هذه البرامج لمساعدة المواطنين العاطلين عن العمل، الذين فقدوا دوافعهم النفسية للعثور على عمل، والهدف الرئيسي من هذه الدورات هو تدريب المشاركين على مهارات وتقنيات البحث عن عمل وبناء الثقة بالنفس واحترام الذات والرغبة في تغيير الوضع، كذلك في هذه الدورات يتمتع المواطنون الذين يحتاجون بشكل خاص إلى الحماية الاجتماعية والنفسية بالأولوية في المشاركة في عمل النادي، وهم فئة الشباب والمعوقون والنساء.

نتائج الدراسات العلمية الحديثة توثق وجود عدد من العواقب العاطفية والاجتماعية والمالية والعائلية والطبية للبطالة، حيث تزداد الخلافات الأسرية وترتفع معدلات الطلاق وحالات الانتحار وجرائم السرقة والخطف وتعاطي المخدرات، وتعكف الناس عن للزواج، أما الأطفال الذين يصبح آباؤهم عاطلين عن العمل تستاء معاملتهم وتضعف مستوياتهم الدراسية ويتدهور سلوكهم، ولهذا السبب تتم محاربة البطالة في دول العالم المتحضرة بكل السبل الاقتصادية والنفسية الممكنة، كما أن في هذه الدول هناك مادة قانونية بشأن العمالة تقول: "للمواطنين العاطلين عن العمل الحق في الحصول على خدمات الدعم النفسي المجانية".