تدهورت الخدمات خلال السنوات العجاف، وتدهورت البنية التحتية بفعل السياسيات التي مورست ضد الجنوب وفساد الحكومات المتعاقبة واستخدمت الخدمات كورقة سياسية وليست حقا من حقوق الشعب، وعندما زادت تدهورا وجرى التلاعب بالمرتبات أيضا وكاستجابة منطقية للواقع أعلن المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية للجنوب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل عدة أسابيع، وفي تقديري فإن موضوع الإدارة الذاتية للمناطق المحررة في ظل فساد الحكومة وتقوقعها في فنادق الخارج قد تأخر وكان ينبغي أن يتم بعد تحرير عدن وبقية محافظات الجنوب، لكن حينها ما كان هناك قيادة سياسية موحدة تستطيع اتخاذ مثل هذا القرار وتتابع تنفيذه.
وعندما أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية، والتي جاءت كاستجابة منطقية للواقع ومعاناة الناس الشديدة، اعتقد البعض أن لدى الانتقالي عصا سحرية سيغير الأوضاع والتركة الثقيلة بين ليلة وضحاها، كما أن الثقة الكبيرة بانحياز الانتقالي إلى صفوف الشعب بل وانحداره من بين أوساطهم والنجاحات التي حققها في عدة ملفات، وخصوصا السياسية والأمنية والدفاعية الداخلية والخارجية، قد زادت من ذلك الاعتقاد، ولا ننسى أن بعض الأقلام التي تبدو مناصرة للانتقالي أو تتبجح بالقرب منه وغير العقلانية قد كرست ذلك الاعتقاد بوعي أو بدون وعي،
واليوم وبعد أيام قلائل من إعلان الإدارة الذاتية فإن حرب الخدمات قد اشتدت ضراوة ضدنا فتدهور الخدمات للأسوأ.. ففي الوقت الذي توقع الناس في عدن عصا سحرية مع الانتقالي، ونشطت الخلايا النائمة لتحريض الناس ضد مستقبلهم المنشود، مستغلة عواطفهم ومعاناتهم التي أسياد تلك الخلايا هم الفاعلون الرئيسون لصنع تلك المعاناة، بالتوازي مع التحشيد العسكري ضد الجنوب بهدف إسقاط طموحات وتطلعات شعبنا في الخلاص النهائي من هذه الأوضاع والمعاناة ليعيدونا إلى مربع 1994م وما تلاه من معاناة وظلم وحرمان وعنصرية مقيتة.