> أماني سعد
لن أتحدث عن حقوقي كإنسان ولن أتحدث عن وطني المتشظي، لن أتحدث أبداً عن الكهرباء والمياه والصرف الصحي والعضال البيئية والأوبئة، إنها من حقوق الحيوان ليس الإنسان.
لن أتحدث عن الوطن ورائحة ترابه، لأنني بذلك أدعي الوطنية وأنا لستُ أهلاً لها مثلكم.
لن أسرد لكم حكايتي وحكاية الآلاف منا التي خلدتها الحروب المتتالية في جدران الذكريات.
لا تقلقوا، لا أنوي أبداً تعكير مزاجكم بنشر أهدابي المبتلة لأجففها بشفقتكم بسبب مأساة جارين لنا كانا ضحية مدرعةٍ هاربة يوم حربٍ عبثية تقاسم غنائمها الطرفان.
لذا، سأتحدث بفكرٍ آخر وردي يبعدُ سُترة الحياة السوداء، سأحدثكم عن حوتٍ أزرق ابتلع قمراً متفائلاً بلونه الفضي وهرب به بعيداً ظناً منه أنه سيأخذ مكانته في السماء، لكنه انطفأ وتاهَ في العتمة للأبد.
هل قلتُ سأحدثكم عن شيءٍ ما وردي؟
نسيتُ أن أخبركم أننا على سطح كوكبٍ بلا ألوان يُدعى اليمن.
لن أحدثكم عن الطيبين الذين عاهدونا على البقاء ولأول دعوة لكورونا غادرونا صوب السماء وتركونا بأرواحٍ ميتة.
لن أحدثكم عن أحلامي الصغيرة أبداً كلعبتي القرطاسية القديمة التي غادرت أدراج الرياح.
لن أحكي لكم عن إعاقة لغتي الإنجليزية واعوجاج لباقتي وتصرفاتي مع زملائي.
لن أتحدث عن أحلام الشعب وانكساراته، فأنا ربَةُ أحلامي ولأحلام الشعب ربٌ يحميها.
سأحدثكم عن لعبةٍ شقراء كنتُ أنوي شراءها ذات يوم، لكن النقود كانت على قدر جوع عائلتي الراغبة في أقساط الإيجار، فاكتفيت بالنوم وأنا أحتضن وسادتي وأبتسم كأميرة تنتظر النهار لتذهب في رحلة صيد للعصافير الملونة.
نسيتُ أن أخبركم أننا على سطح كوكبٍ بلا ألوان يُدعى اليمن.