لقد نجح نظام 7 يوليو وبوسائله الدنيئة، وبأدواته وطرقه القذرة المختلفة، أن يعمم على الجنوب ما قد كان سائدا في الشمال، وجعله يعيش زمن الانحطاط وانهيار القيم وتراجع فعل العقل والثقافة والفنون والأخلاق، بعد أن دمر المؤسسات المعنية التي كانت قائمة في الجنوب، وهمّش دور ومكانة أولئك الذين كانوا يتولون القيام بدور التنوير ونشر المعرفة وإعلاء مكانة الفضيلة في المجتمع وفي مؤسساته المختلفة دون استثناء، وبسبب كل ذلك أفسح المجال واسعا للمال السياسي لأن يكون سيد الموقف ولو إلى حين، وجعل الكثيرين  من الناس يتسابقون في ميدان البحث عن المال والحصول عليه وبأية وسيلة كانت، وخارج القانون أو باسمه أو على حساب المال العام وحقوق الغير، بهدف تكوين الثروة والتميز في المجتمع، ليكونوا من سادته وليس من مواطنيه، وليكون بمقدورهم أن يكونوا فوق القانون وخارج دائرة المساءلة والمحاسبة، وأن يكون صوتهم عاليا ومسموعا عند من لا حول لهم ولا قوة، في ظل غياب الدولة ورخوة يد العدالة المقيدة بحاضر مضطرب ومرتبك وازدياد فعل الفساد والإفساد المنظم والمنفلت من عقاله!​