حال تواجدي في مصر من حضور الأمسية التي نظمها المجلس الانتقالي الجنوبي الخميس الماضي، ودعا إليها الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام والصحافة بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، والمناهضين لسياسة المجلس ومناصبته العداء منذ إعلان وإشهار قيامه في 4 مايو 2017م.

وتابعت وقائع الفعالية التي تلقيت دعوة لحضورها. وللسبب أعلاه اعتذرت، وطالعت الخبر الرسمي الذي بثه موقع المجلس وصور المشاركين وكل ما دار داخل القاعة من مداخلات قدمها أصحابها بأريحية وشفافية مطلقة، وجميل وصحي أن يفتح المجلس ذراعيه لكل الإعلاميين، ويستمع منهم بعض النظر عن مواقفهم "العدائية" جهاراً نهاراً على مدى السنوات الماضية، وذاكرتنا ليست "مخرومة"، لكن ما أثار دهشتي أن القاعة غاب عنها رموز الإعلام الجنوبي ورؤساء تحرير صحف ومواقع جنوبية محسوبة على الانتقالي، حتى التي ليست في نطاقه، لكنها مع قضية شعب الجنوب في استعادة دولته. سألت شخصياً أحد المقاطعين وموقعه مرموق في المجلس أسئلةً، فكان جوابه: "أنا لا أجلس في قاعة أو طاولة لا يحترم حضورها قضية شعب الجنوب وتضحيات شهدائه وجرحاه"، وآخر: "يحوز في نفسي عدم المشاركة في الفعالية، لكن من يطلق على المجلس بنعوتٍ مكوناً عصابياً يضم اللصوص وقواته الباسلة بالمليشيات، فالمقاطعة أشرف".

لذا، ليس من حق أحد أن يكمم أفواه المقاطعين للفعالية، كما أنه ليس من حق الآخرين الاعتراض على سياسة المجلس في الانفتاح ولملمة شتات الإعلام، لكن في تقديري أن للانفتاح على الآخر أصول وثوابت وأخلاق، كما أن الآخر ليس ملزماً بتأييد سياسة وتوجهات المجلس، وبالمقابل أن يكف ويضع حداً لعدائه، وإشعال الحرائق داخل الوطن.

ولعل الحفاوة التي حظي بها ولدنا فتحي بن لزرق داخل القاعة دلالة على نقاوة قلوب الانتقاليين فيما وصفه الطرف المناوئ بالفاتح في أمسية الانتقالي، وهذا ما لم يعره الأعسم واستمر في جلد المقاطعين، أما بن لزرق فقد جدد ثبات موقفه من الانتقالي وقضية شعب الجنوب بعد ساعة من انتهاء مشاركته في الفعالية.