لم يعد لدى وفد المجلس الانتقالي الجنوبي الموجود في الرياض ما يقدمه للسعودية من تنازلات، ولا لهذه الأخيرة رغبة بتلبية مطالبه حتى تلك المتعلقة ببنود اتفاق الرياض المرتعش، خصوصاً فيما يتعلق بمطالب الانتقالي بشأن محافظة شبوة التي يحكم حزب الإصلاح باسم الشرعية السيطرة على معظم مديرياتها، والتي يطالب الانتقالي من السعودية إرغام الإصلاح على الكف عن تعسفاته بحق نشطاء المجلس وكل المناوئين له فيها، ورفع يده العسكرية والأمنية من قمع التظاهرات الشعبية المطالبة بتوفير الخدمات والوظائف والأمن بهذه المحافظة.
فالسعودية مثلها مثل هذه المسماة بالشرعية أو بالأصح حزب الإصلاح، ترى في شبوة جغرافيا غاية بالأهمية -كخاصرة دسمة للجنوب- يجب قصمها نصفين لسهولة ابتلاعها، وأهمية اقتصادية وسياسية، سعودية مُحرمة على الانتقالي وعلى غير الانتقالي من القوى الرافضة للمشروع المريب المسمى جزافاً بـ "الدولة الاتحادية"، فشبوة من منظور الأطماع السعودية هي مفتاح ذلك المشروع الذي تم نسج خيوطه خلسة بإشراف أمريكي على منوال المصالح السعودية تحت سقف فندق موفنبيك عام 2014م، فمثل مخطط كهذا إن تم تمريره سيعني بالضرورة تقاسم الجنوب والسيطرة على ما فوق ثراه وما تحته بين السعودية وأمريكا ومعهما حزب الإصلاح وبعض القوى والشخصيات المتكسبة.
فهذا المخطط المسمى بدولة الستة الأقاليم يهدف سعودياً وأمريكاً وإصلاحياً لشطر الجنوب إلى قسمين لفصل عدن عن المكلا بعد أن تقاطعت المصالح هناك، بقوة الحديد والنار عسكرياً وسياسياً واقتصادياً لعزل شرقه الثري -المهرة وحضرموت وشبوة وسقطرى- عن غربه الفقير المسلح. والهيمنة على مقدراته الطائلة ومنافذه وجزره الإستراتيجية، وعلى قرراه السياسي ودفن قضيته الوطنية تحت رمال خديعة الدولة الاتحادية وكثبان أكذوبة الأمن القومي العربي.