> الحوطة «الأيام» هشام عطيري:
- نعمة الهلالي.. قصة ملهمة لطموح لا يعرف الخوف ودعم يفجر القدرات
- أربعينية تدرس في الصف الثامن الابتدائي لتحقق حلم سلب منها سابقًا
- تجاهلت نظرة المجتمع لتبهرهم بتفوقها وقدرتها على الموازنة بين البيت والمدرسة
من لم يكن العمر عائقًا أمامه لتحقيق ما يطمح إليه فلن يثنيه شيء عن السعي وراء أحلامه وتحويلها إلى واقع، فمجتمعاتنا الشرقية تصنف العمر ضمن القوالب التي لا يجب أن يتجرأ أحد على كسرها، حتى أصبحت قوانين اجتماعية اتبعها فرضًا لا يجوز المناقشة فيه سيما للنساء. نعمة نظرت للواقع بعين أحلامها هي متخلية عن نظرة المجتمع لها وللطموح الذي ما كان يجب أن تسعى وراؤه إذا ما وضعت اعتبارات للنظرة المجتمعية.

الطالبة نعمة في الفصل
عودة نعمة إلى مقاعد الدراسة سببه شغفها وحبها للتعليم، لكن هذا وحده لم يكن كافيًا، فالدعم الذي تلقته وتتلقاه من أسرتها لتكمل تعليمها يعد هو السبب الأبرز لنجاحها واقتدارها على السعي وراء ما تريد أن تكون عليه بلا تردد أو خوف.

الطالبه نعمة مع زميلاتها في الفصل
تقول نعمة عمر بن عمر الهلالي، إن تشجيع وتحفيز زوجها وأولادها الأربعة وبناتها الثلاث، وجميعهم خريجو جامعات من مختلف التخصصات، لها ساهم بتحقيق طموحها باستكمال دراستها. " بدأت الدراسة في الصف السابع ونجحت للانتقال حاليا إلى الصف الثامن بعد أن بدأت مرحلة التعليم بالالتحاق بصفوف محو الأمية لمدة سنتين واجتازتها بنجاح، حيث تحصلت على المرتبة الأولى من بين المتخرجات من محو الأمية".

طموح نعمة في مواصلة تعليمها ليس له حدود فهي تتبع "اطلب العلم من المهد إلى اللحد"، وطموحها هذا لم يقتصر على الدراسة بل هي حافظة ثلاثة أجزاء من القران الكريم، كما أنها لا تتوانى أو تقصر في خدمة بيتها ومجتمعها، فإلى جانب كونها طالبة مجتهدة طموحة، نعمة هي أم ومربية مثالية ورئيس لجنة مجتمعية تعمل من خلالها على حل مشاكل الحي.
م. زين عاطف ثابت، ماجستير هندسة معمارية هو زوج نعمة والداعم الرئيس لها لإكمال تعليمها وتحقيق طموحاتها بعد أن حرمت من التعليم فيما مضى بصغرها.

لحظة مشاركة أسرة نعمة فعالية تكريمها
أوضح زين أنه وأولاده وبناته يساعدون نعمة الأم والطالبة في أعمال البيت حتى تتمكن من الالتحاق بالدراسة فهم يساعدون في أعمال البيت في غيابها.
ويكشف الزوج بأن والده من سابق تحصل على ترس الأسرة المثالية في عيد العلم في الثمانيات، في زمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فالأسرة حسب قوله كلها متعلمة وكان والده يشجع على التعليم لتنقل هذه الصفات إلى المهندس الذي شجع أولاده وبناته على الدراسة ثم زوجته، "خطوت على خطا والدي وطبقتها على أسرتي، لا نشعر بأي نقص أو حرج، نحن جميعًا كأسرة نتعاون لتنجح نعمة الأم والطالبة في مسيرتها".

مدير المدرسة التي التحقت بها نعمة، غزة مهدي، تتحدث عن الطالبة الأربعينية قائلة: "تدرس نعمة في الصف الثامن مع الطالبات وتعتبر الأم المثالية التي درست أولادها وبناتها خريجات كليات في جميع المجالات وهي حققت ذلك بفضل تشجيع زوجها وأولادها لمواصلة دراستها. نحن كمدرسة رحبنا بنعمة وقدمنا لها كل التسهيلات لمواصلة دراستها، فهي تعامل مثل أي طالبة من الطالبات بل وتحظى بتقدير من جميع المعلمات وتعتبر أم قبل أن تكون طالبة، الطالبات يتعاملون معها كأم وزميلة لهن ولم تحس بأي خجل فهي تحب أن تتعلم وتواصل دراستها".
وتؤكد عبير الحبيشي، مدير قسم تعليم الفتاة بتربية الحوطة أن الطالبة نعمة عمر تعتبر نموذج ومثال مشرف لكفاحها وإرادتها الفولاذية وإصرارها على التعليم على الرغم من المعوقات العمرية، " كسرت حاجز الخجل والإرهاب المجتمعي وأثبتت أن التعليم ليس له عمر محدد يجب على الإنسان أن يتعلم ويحقق مقولة التعليم من المهد إلى اللحد".

الطالبة نعمة أثناء تكريمها من قبل مكتب التربية الحوطة
إدارة مكتب التربية والتعليم بمديرية تبن ممثلة بالأخ عبدالله شمل، ورئيس قسم تعليم الفتاة كرمت الطالبة الأربعينية نعمة عمر بشهادة تقديرية بحضور أسرتها تقديرًا لكفاحها وإصرارها على مواصلة مسيرتها التعليمية لتصبح نموذجًا يحتذى به في حب العلم، التكريم عزز من رغبة نعمة في المواصلة دون أي خوف من أية معوقات، ودافع للأخريات اللواتي حرمن من التعليم في صغرهن ليكملنه في أي زمان طالما هناك رغبة حقيقة في إثبات الذات دون النظر لأي اعتبارات قاصرة تحد من طموح الأشخاص وتهدمها.