نسوةٌ يفصحُ انكسارهن، والحزن المشوب بالمرارة المخيم حولهن بأنهن أُجبرن على التّسول، يُضاف إليه مرأى الأطفال المرافقين لهنّ، وهم بثياب نظيفة، أي لم تتعفّر بعد بقذارات وغبار الشوارع، كل هذا يوحي بالطارئ المقيت الذي حلّ علي هذه الأسر المُتعففة، وهو العوز والحاجة، ولأنّ رواتب الآباء تلاشت تماما.

* هكذا تشاهد اليوم من نسوة عدن على بوابات المساجد، والمشهد يدمي القلب ويسيل الدمع من المآقي قسرا، إذ لم تكن هكذا عدن في يوم من الأيام، وهي التي أشبعت الجائع وعابر السبيل إليها من كل صوب وناحية!
* إنهُ الجحود والقسوة الحاقدة، وهي تنبعث من قلوب مَن أحسنت إليهم عدن كثيرا، في حينٍ ما، فلم يجدوا ما يردوا به على صنيع عدن وأهلها معهم إلا بإنهاكهم وتجويعهم اليوم، وهكذا يسلك الحاقدون دائما في أي بقعة في المعمورة.

* أي سلطة هذه التي تسوم شعبها الويلات؟ وأي سلطة هذه التي تقضي على المراكز الاقتصادية الحيوية التي تمد البلاد بالحياة؟ وهذا ما حدث في تدمير مصفاة عدن، وهي التي بتشغيلها نحافظ على عملتنا الصعبة، ونبعد شبح الغلاء وانهيار عملتنا، ولأن الغلاء هو الذي التهم رواتب الناس، وأفقدها قيمتها، ولذلك لم يعودوا يستطيعون توفير اللقمة على مائدة أطفالهم! فأي سلطة هذه بالله عليكم؟!

* أصل كل البلاء في هذه السلطة القائمة، ولأنها ترومُ إلى تحقيق غايات سياسية خبيثة تخصها، فلم تجد من وسيلة وأسلوب أنجع إلا التجويع وإنهاك الناس! وطبعا لا يهمها أن تنهار الأسر أو حتى تخرج علانية إلى صفائح الزبالة بحثا عما يسد الرمق، فالجوع كافر، ولكن غلو إجرام هذه السلطة أشد هولًا وبشاعة.

* لا أدري ولا أتقبل كيف يضع المسؤول رأسه على وسادته وينام هادئا، وهناك أسر وناس يتضورون جوعا وعوزا، وطبعا، كل هذا بفعل سياساته الخبيثة الجهنمية، أو كيف يعيش حياته في سكينةٍ ودعة وهناك أفواها تجوع من إجرام فعله ومخططاته! إنهم أبشع من قتلة مجرمين، أليس كذلك؟!