هو أحد ملوك مقدونيا الإغريقي، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ، كان حاكمًا عظيمًا وفاتحًا للبلدان.

في إحدى غزواته وهو في الطريق مر بقرية وهناك وقف مع جيشه عند مدخل مقبرة كبيرة، ثم ترجل وبدأ يقرأ ما قد نحت على حجارة القبور، واستغرب حينما رأى أن أغلبية الموتى هم من فئة الأطفال. مثلًا قد كُتِبَ على إحدى القبور: "فلان بن فلان، قد مات وعمره 7 سنوات"، وذاك عمره 5 أو 2 أو 4 سنوات وهكذا..

استغرب كثيرًا فأخذ يسأل ماذا ألم بهذه القرية، ما هو السبب وراء فناء وموت معظم أطفالها؟ فأرسل أحد ضباطه كي يستقصي الأمر ويدعو شيوخ القرية ويأتي بحكمائهم إلى محضره، ليوافوه بالجواب الشافي، كي يفهم لماذا الأطفال يموتون في هذه القرية؟

جاؤوا بالشيوخ والحكماء إلى محضر إسكندر المقدوني وقالوا له: أيها الملك إن هؤلاء الموتى ليسوا أطفالًا.. فنحن في ثقافتنا وتقاليدنا نسطر على حجر قبور موتانا، سنوات أعمارهم التي قد أفنوها في خدمة قريتنا ومملكتنا، فهذه السنوات التي رأيتها منحوتة على القبور تحكي عن السنوات التي خدموا فيها مجتمعهم، شاركوا في بناء قريتنا وساعدوا الشعب، ولا تحكي عن بقية أعمارهم التي قضوها في الأكل والشرب والتلذذ من ملذات الحياة الفانية.

يا إسكندر

لقد أخذنا هذه الرَّويَّة، من الأشجار، فهناك أشجار قد عاشت لمدة 200 سنة ولكنها ظلت عقيمة بدون ثمار، وكانت بعضها الآخر سامة، وهناك أشجار أخرى لم تُعمِّر طويلًا؛ ولكنها حملت ثمارًا لذيذة وظلالًا وارفًا.. لذا قررنا أن نسطر على حجر قبورنا تلك السنوات التي أزهرنا فيها، والأَعْوام التي خدمنا فيها مجتمعنا وأثمرنا بثمار طيبة أو ظلال ممتدة أو فائدة عظيمة.

فلننظر ولنتمعن في هذه الثقافة كم هي رائعة وجميلة وهي تحكي لنا عن هدف وجودنا على هذه الأرض وقيمة حياتنا الحقيقية.

ويا ترى كم هو عمرنا في هذا اليوم؟