في عام 2015م وخلال أسابيع قليلة من بدء الحرب تم نقل بث تليفزيون عدن إلى السعودية ومازال هناك حتى الآن، وقد أغلق مقره في عدن والعبث بأجهزته وسرقة جزء كبير من كنوزه الإرشيفية الثمينة بعد أن تعرض مبنى الإذاعة والتليفزيون لما تعرض له من سطو وإهمال متعمد، هو بالمناسبة ثالث تليفزيون بعد القاهرة وبغداد على مستوى الوطن العربي، وأقفل مكتب وكالة أنباء عدن "سبأ" وتم كذلك إسكات صوت إذاعة عدن الرائدة التي تقترب من ذكرى تأسيسها السبعين.
ونقول هنا للجميع وبوضوح تام لن يستقيم الأمر للجنوب إعلاميا وبكل ما يعنيه ذلك من مضامين وأبعاد ودلالات وطنية وسياسية، بدون عودة هذه الوسائل الإعلامية الجنوبية للعمل مجددا ومن موطنها الأصيل، وهو هنا الجنوب وفي عاصمته عدن تحديدا، التي تأسست فيها ومارست دورها وكبرت وتطورت من على أرضها، وأخذت من لون بحرها الصفاء ومن أنفاس أهلها النقاء والطيبة والتسامح ومن شموخ شمسان ثباتها، وأخذت بإعتزاز من رمزية وكبرياء قلعة صيرة عنوانها ومضمون رسالتها، لذلك فلا مفرمن عودتها وحيث ما ينبغي أن تكون مكانا وزمانا وتاريخا، ولم يعد مقبولا على الإطلاق أن تبقى "مهاجرة" في وقت عادت فيه قيادة الشرعية اليمنية لممارسة مهامها الانتقالية "المؤقتة" من العاصمة الجنوبية.
والسؤال من يقف ويعرقل ويمنع عودة هذه المؤسسات الإعلامية الوطنية العريقة إلى الوطن حتى الآن؟
وما الهدف من وراء ذلك إن لم يكن أساسا هدفا سياسيا خالصا وليس لأي أسباب أخرى أو أية مبررات باتت واضحة للجميع، وهو حرمان الجنوب وتجريده من وسائله الإعلامية التي شكلت جزاءً من تاريخه الوطني ووجدانه خلال عقود طويلة، وجزءا أصيلا من مؤسساته الوطنية التي أثرت تجربته الغنية في ميدان الثقافة والتنوير والتعليم، والأمر المؤلم أيضا والمدان والمحزن كذلك هو تغييب وحرمان الجنوب من الكفاءات الإعلامية والفنية المتخصصة والمؤهلة من ممارسة دورها وحضورها في هذا المجال الحيوي وإبعادها عن العمل قسرا وجعلها معطلة ورغما عنها ودون وجه حق.