منذ بدء الحرب ونحن نسير بانحدار شديد وبدل أن تحقق الشرعية أهدافها في تحرير صنعاء واستعادة الدولة تحولت إلى هزيمة شاهدنا بداياتها في أول معركة في الجوف حيث سلمت الشرعية كل أسلحتها وعتادها للحوثي بلمح البصر ومرت الهزيمة الأولى مرور الكرام لا بل تم ترقية قادتها أحدهم عُين نائب للرئيس والآخر وزير الدفاع.
أما المسار الثاني شمالي شرعي أيضا بدعم التحالف، مأرب، نهم، الجوف، حرف سفيان، وأيضا تعز، هذا المسار تشكلت قيادته من نائب الرئيس ووزير دفاعه ساروا فيها بالاتجاه العكسي حيث تم تسليم المواقع والمعسكرات للحوثي بكل محتوياتها من أسلحة وعتاد ولم يتبقى معهم إلا مدينة مأرب تركها الحوثي لهم للإبقاء على ماء وجههم وجزء من مدينة تعز.
هل للحوثي قدرات خارقة في تلك المناطق، واستولى على كل ما كان أمامه من معسكرات وجيوش جراره تقدر بـ 400000 جندي وأكثر، بينما في المسار الجنوبي كان لا يملك تلك القدرات وانهزم شر هزيمة ولو لم يكن تدخل العالم لإنقاذه وخضوع الشرعية لكانت مدينة الحديدة وميناؤها في قبضة القوات الجنوبية ولكان قد أُطبق عليهما الخناق وإغلاق المنفذ البحري عليه ولكان وضع الحرب مختلفا تماما.
أثبتت الأيام أن الشرعية لا تهتم بتحرير صنعاء ولا استعادة الدولة فهي تعتبرها مع أيادي أمينة بالنسبة لهم وظل همها الاستيلاء على عدن وحاولت مرات عدة إسقاط عدن من داخلها عبر تكوين ألوية، تحت مسمى ألوية الحماية الرئاسية، وهي طبق الأصل لتشكيل الفرقة الأولى مدرع، التي تحتوي في قوامها عناصر إرهابية مهمتها اغتيال الكوادر الجنوبية وإرهاب المواطنين الجنوبيين وإرباك الوضع في الجنوب، وحاولت ذلك من خارج الجنوب، من خلال تسيير ألوية من مأرب وسيئون وتم إفساح الطريق أمامها حتى وصلت مشارف عدن تحت مسمى عملية خيبر، وهذا المسمى له دلالته الدينية في أنهم يحاربون اليهود والكفار في عدن والجنوب في القرن الـ 21 ، وهذا النمط من المعارك يقودها "حزب الإخوان المسلمين العالمي" ليصل الى نقطة النهاية في إعلان دولة الخلافة في عدن ولكن تمت مواجهتهم بمقاومة جنوبية ردتهم على أعقابهم خائبين ومنهزمين.
كل الاتفاقات التي تبرم بين الأطراف شرعية وانقلابيين لم تنفذ وهكذا الاتفاقات التي أبرمت بين الشرعية والانتقالي أيضا لم تنفذ ولدى النخب الشمالية عادة بعدم تنفيذ أي اتفاق، إما أنها تبرمه وهي منهزمة وإما تحت ضغوط خارجية، وعمليا تعتبر فترة المفاوضات استراحة محارب تستعد للانقضاض على الخصم وبهذا ليست مضطرة لتنفيذ أي اتفاق طالما لا أحد يرغمها على ذلك وهكذا كانت اتفاقات ستوكهولم واتفاق الرياض وفي المستقبل أي اتفاقات قادمة إن لم تكن مدعومة بقوة إقليمية أو دولية.
تحولت الحرب إلى مسار جديد عبر الضغوطات الدولية من خلال فرض الهدن، منذ إبريل الماضي، ولكنها لم تصمد بسبب الشروط الجديدة التي يفرضها الحوثي عبر الوسيط الدولي بينه وبين الشرعية ويبدوا من خلال الأسلوب الذي يتبعه الحوثي في فرض شروطه أن هناك قوى دولية وإقليمية تسانده فيما يصبو إليه من أهداف، وتُعطى الفرصة له لفرض شروطه عبر السماح له باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة في ضرب الأهداف الاقتصادية، من موانىء لتصدير النفط ومواقع الشركات البترولية العاملة في الجنوب، وقد بدأ عمليا تنفيذ هذه التهديدات وسرعان ما تناغمت معه قوى دولية وإقليمية بتأييد شروطه بمنحه نسبة من إيرادات النفط والغاز في الجنوب، ألم يسألوا أين تذهب إيرادات ميناء الحديدة وأين تذهب إيرادات نفط وغاز مأرب؟، هم يعرفون لأن شركاتهم هي العاملة في تلك الحقول والموانىء إنه تكريس للظلم والاضطهاد الذي يُمارس على الجنوب.
من تلك التصريحات نستنتج أن هناك تبادل أدوار بينهما ومن هنا نفهم بأن هناك تغييرات في المواقف وبدل أن يكونوا داعمين للقرارات الدولية المتصلة بالحرب والانقلاب تجدهم اليوم يبحثون للحوثي عن أدوات تدعمه للبقاء في الحكم وتنتفي عنه صفة الانقلاب وبالتالي أصبحت الشرعية غير مبرر لوجودها، لأنه لا أحد يدعم عودتها إلى صنعاء عاصمة البلاد وهي بذاتها لم تبد استعدادها للعودة إلى صنعاء بسبب تخاذلها في توحيد القوى العسكرية باتجاه الحوثي ولها ستة اشهر وهي تراوح في مكانها تناور في الوقت الضائع على أمور أخرى لا علاقة لها بالعودة إلى صنعاء حربا أو سلما.
أي تسوية تتم الآن تدريجيا على شرعنة بقاء الحوثي متحكما في صنعاء وتنتفي عنه صفة الانقلاب على السلطة وإذا كان يفكر العالم والإقليم بهذه الطريقة فما ذنب الجنوب يتحمل أعباء صرف مرتبات موظفي الحوثي الذين هم بالملايين، واذا كانت الدول تريد حل مشكلته وانقاذه عليها تحمل الأعباء المالية من ميزانياتها الخاصة.
من غير المنطقي أن يتم فرض أعباء على الجنوب لا علاقة له فيها، والعالم يعرف أن الحوثي غزا الجنوب بالقوة المسلحة بجيوش دولة صنعاء ومليشياتها ودمر المدن الجنوبية وقتل الآلاف من أبنائه وتمت مقاومته من قبل شعب الجنوب وتم تحرير الجنوب منه، ماذا يعني صرف مرتبات موظفيه من ثروات الجنوب ويحرم من تلك الثروات موظفي شعب الجنوب يعني أن العالم يقف وراءه ومتوافق مع ما فعله من تدمير وقتل في الجنوب.