> "الأيام" وكالات:

​عند إعطاء اسم "مركبات جدعون" للعملية المخطط لها في قطاع غزة، تطور في الاستوديوهات حوار تافه: هل كان لجدعون مركبات أم لا؟ النقاش المهم هو: هل ستكون عملية أم لا؟ وإذا حدثت، فأي ثمن سيكتنفها: حياة جنود، حياة فلسطينيين أبرياء، تأثير على اقتصاد إسرائيل، تأثير على الوضع السيئ أصلاً لعائلات رجال الاحتياط، الأغبياء بالنسبة لحكومة المتهربين من الخدمة؟

حسب جدول الأعمال المقدر، سينهي ترامب زيارته للسعودية وقطر والإمارات في نهاية الأسبوع القادم، وحتى ذلك الحين ستبقى العملية معلقة.  

السعودية مفيدة لترامب، ولعائلته والمقربين منه شخصياً، من صناديق استثماراتهم مروراً بصفقات عقارية وحتى عملة الكربتو التي أصدرها الرئيس الأمريكي الفاسد، الذي تبدو الرئاسة في نظره مشروعاً تجارياً. هكذا أيضاً يمكن فهم أحداث هذا الأسبوع مع الحوثيين. بعد لحظة من مهاجمة إسرائيل لمطار صنعاء، أعلن ترامب أنه والحوثيين في اليمن بلوروا تفاهمات، ويرى أن التدخل الأمريكي في هذه الساحة انتهى. ماذا بشأن إسرائيل؟ “سنناقش ذلك”، قال.

من اللحظة التي هز فيها اقتصادات العالم، يجب على ترامب تقديم وصولات في هذا الشأن. إن رفع التهديد عن التجارة البحرية الأمريكية يهمه أكثر من الصواريخ اليمنية على إسرائيل، التي يبدو أنها لا تهمه أبداً.

يرى رئيس حكومة إسرائيل أن زيارة ترامب بدأت بالقدم اليسرى، حتى قبل صعود الرئيس إلى الطائرة. نتنياهو يعيش في حالة فراغ سياسي صعبة، وليس غريباً. يصعب إحصاء السيناريوهات الكثيرة التي قد تنشأ من هذه الزيارة: اتفاقات اقتصادية؟ سياسية؟ زيارة في طهران؟ فوكالة “رويترز” ذكرت مساء أمس بأن ترامب لن يطلب من بن سلمان التطبيع مع إسرائيل شرطاً للتوصل إلى اتفاق نووي مدني. بايدن وهاريس “اللاساميان” لم يكونا ليتجرآ على التطرف بهذه الطريقة.

السؤال الأساسي لنا هو: هل ستحرك زيارته (أو ستفرض) صفقة تبادل ووقفاً لإطلاق النار في القطاع؟ أو هل سيلوح بهذه القضية من فوق جدول الأعمال حتى إشعار آخر؟ التلويح يعني استمرار تجسيد أوهام سموتريتش، الفاشي المسيحاني، عن طريق خادمه المطيع نتنياهو. وما بينهما – من يعرف؟ ألمح ترامب إلى توسيع “اتفاقات إبراهيم”. في 2020 رفضت قطر الانضمام إليها. ربما برعاية المصالح الاقتصادية في واشنطن، والجنائية في القدس، ربما حان الوقت لمثل هذه الخطوة.

لا يجب تأبين علاقات نتنياهو وترامب، فقاعدتهما دفعتا بهما وستدفعان كلاً منهما إلى حضن الآخر، ولكن زواجهما لا يبشر بالخير. في بداية شباط، كان رئيس الحكومة هو “الزعيم الأول!” الذي حظي بزيارة إلى البيت الأبيض. جاء مع “سلة مشتريات” (تعبير تم صكه في عهد غولدا مئير)، وخرج مع قليل من السلاح والكثير من الأوهام التي فاجأته، حول الترانسفير في غزة، وتحويل القطاع إلى ريفييرا أمريكية.

في بداية أيار، كان “الزعيم الأول!” الذي دعي (بعد إعلان الجمارك). ولكن تبين أن الاحترام الكبير هو “قبعة حمراء”. في اللقاء المغلق، طلب مهاجمة إيران والتطبيع مع السعودية بدون الفلسطينيين، وفي خلفية الصورة حصل على توبيخ مزدوج. بدءاً بالإعلان عن المحادثات الأمريكية مع طهران وانتهاء بتتويج الرئيس التركي أردوغان بلقب “بي.إف.إف” (أعز صديق إلى الأبد) الخاص به.

في حينه، كان واضحاً أن شهر العسل الجديد لهذين الزوجين انتهى أبكر مما هو متوقع. وصل ترامب إلى ولايته الثانية يحمل كراهية شديدة لنتنياهو. قبل الانتخابات، تساوق الطرفان معاً. وضع عليه نتنياهو كل الآمال لخلق شبكة علاقات محسنة. ولكنها أمور دائماً ما تتعطل. والآن يبدو أن الرئيس مسرور بتوجيه ضربة إليه.

محظور الاستخفاف بما كشفته “واشنطن بوست”، وهو ما يفيد بأن ما يقف وراء إقالة مستشار الأمن القومي، مايك وولتس، هي محادثاته مع نتنياهو، الذي ضغط للقيام بعملية عسكرية في إيران. هذه المحادثات كانت في وقت سابق، في بداية ولاية ترامب – حتى قبل قمة ترامب ونتنياهو. وفي الولاية الأولى أيضاً، اكتشف ترامب بأن نتنياهو يكذب عليه ويخدعه ويأخذ منه الفضل. والآن، يبدو هذا كإعادة بث. النتيجة: تغييب إسرائيل عن المحادثات مع طهران، وهي لاعبة ثانوية في زيارة الرئيس (التي يقفز عنها).

معظم الشروط التي طلبتها إسرائيل من الأمريكيين لإدخالها إلى كل اتفاق، لم تتحقق. لو أن هناك رئيساً ديمقراطياً في البيت الأبيض الآن لرأينا نتنياهو يأتي إلى الكونغرس ويوجه له توبيخاً أمام شعبه. أما الآن فيصمت، ويرتجف مثل ورقة، وينتظر رؤية ما سيقرره الرئيس بشأنه وبشأننا، هذا إذا قرر. ماذا سيقول الرئيس؟ “سنرى ماذا سيحدث”.

الأسد الذي زأر

كثيرون لا يعرفون إلى أي درجة عمل أريه درعي في السنتين الأخيرتين للحكومة كمثبت رئيسي لنتنياهو. كل مشكلة كانت تثور داخل الائتلاف أمام أي حزب أو أي شخص مارق، سرعان ما كان نتنياهو يتصل بصديقه. أطلق عليه الائتلاف “رئيس هيئة بيبي”. أما رئيس الطاقم تساحي برفرمان، فعمل كمتدرب يغلق النهايات السائبة.

شعر وزراء “شاس” بالحرج أكثر من مرة عند رؤية الأسد خاصتهم يركض مثل كيسنجر بين الآباء الروحيين والأشخاص التنفيذيين مثل بن غفير وإسحق غولدكنوفف، والتوسط من أجل الزعيم. “هو في جيب بيبي، وأحياناً لا يرونه”، قال كبير في “شاس”. في الأسبوع الماضي، عشية افتتاح الدورة الصيفية، حيث لم يتم تحييد لغم التهرب من الخدمة، وبقي درعي مع إنذاره المضحك مثل “كلب شناوزر المبلل في المطر” (كما قال يائير لبيد)، انفجر اللغم.

انهار تصور نتنياهو. فجأة، نرى اريه المخلص والموثوق والشاويش ينضم لإخوته الأشكناز ويعلن عن تمرد في التصويت. ليس مجرد “أعلن”، بل، حسب المعلومات التي وصلت إلى مكتب رئيس الحكومة، دفع بذلك. والأصدقاء في “يهدوت هتوراة” الذين تعودوا على أقوال التهدئة على لسان درعي، تفاجأوا من سماع موسيقى مختلفة كليا منه.

الإثنين، اليوم الأول للدورة، جرت محادثة هاتفية بين نتنياهو ودرعي. وحسب مصادر في الليكود و”شاس”، لم تجر محادثة مثلها. “حديث الطرشان”، كما وصفها شخص، “شملت الصراخ”. توسل نتنياهو إلى رئيس “شاس” الغاضب حتى يتراجع عن العقوبات المتطرفة، بعدم تأييد مشاريع القوانين الخاصة لليكود أول أمس، وضمن ذلك مشروع القانون: “تقسيم منصب المستشار القانوني للحكومة”.

بشكل عام، لم يكن درعي مستعداً لسماع ذلك. والأربعاء، علق الائتلاف كل مشاريع قوانينه. لقد تم صد الضغوط من مكتب وزير الخارجية جدعون ساعر، لاستثناء مشروع قانون تقسيم المنصب، الذي يعتبره ابنه. يجب الفهم بأنه إذا تم تقسيم هذا المنصب، وتم تعيين النائب العام من قبل وزير العدل، فلا شك بأن خطوته الأولى في المكتب، حتى قبل أن تسخن الكرسي، هو التوجه إلى المحكمة المركزية في القدس وطلب تجميد الإجراء القانوني لـ “إعادة فحص الأدلة التي أدت إلى لائحة الاتهام”. هذا هو الهدف ولا هدف غيره.

حتى أمس، اللقاء الرباعي في مكتب رئيس الحكومة الذي شمل نتنياهو ودرعي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس لجنة الخارجية والأمن يولي أدلشتاين، لم يثمر. مقاطعة الحريديم بقيت على حالها حتى الأربعاء القادم. في نفس الوقت، تزداد التقارير التي تفيد بأن التيار المؤيد للانسحاب من الحكومة يتعزز لدى “يهدوت هتوراة”. درعي لا يؤيد ذلك – 90 في المئة من مصوتيه يثقون بنتنياهو – لكن كما قلنا، لم يعد في المكان الذي كان فيه بالأمس (عميقاً في جيب نتنياهو).

“لن يحلوا ولن يسقطوا الحكومة”، قال لي وزير في الليكود مطلع على قضية التهرب من الخدمة. “مع غياب أي سيناريو يفيد بفوز الليكود في الانتخابات، فلن يستفيدوا من الانتخابات، بل سيكون وضعهم أسوأ. لأنه لا شك بأننا سندفع ثمناً باهظاً في الانتخابات حول هذا الموضوع”. حسب رأيه، الخيار الأكثر واقعية هو إقالة أدلشتاين من رئاسة اللجنة. “في اللحظة التي يأتي فيها درعي وغولدكنوفف وغفني إلى بيبي ويقولون له: إما أدلشتاين أو نحن، عندها تتم إقالته”.

“الهدف الأعلى” بالنسبة لنتنياهو ليس إحراز النصر كما أعلن قبل أسبوع في أحجية التناخ، بل الحفاظ على حكومة الذبح والخبث بقدر الإمكان، والهرب من محاكمته، ومن نار التحقيقات الجديدة التي تحرق مؤخرته.

يوسي فيرتر

هآرتس 9/5/2025