> محمد العولقي
هذه عدن ، كروية الهوى والهوية، من رأسها حتى أخمص قدميها ، لا مدينة عربية ولا غربية تجاريها عشقا لكرة القدم ، ولا (حاضرة) أعجمية تنافسها في كمها وكيفها الرياضي الفريد من نوعه، ففي ملعب الشهيد الحبيشي بعدن تدفقت الجماهير الرياضية من كل حدب وصوب، سيول بشرية أولها في الشيخ عثمان، وآخرها في (كريتر) ، صنعوا في مدرجات فريقي الوحدة والتلال ملحمة حب و إلياذة عشق وقف لها شعر رأسي تقديراً وتوقيراً، إنها عدن أول مدينة في الجزيرة العربية، والخليج العربي، تشكلت من الهوى الكروي، إنها عدن الرائدة، التي وإن مرضت بفعل ألاعيب الدراكولية للأحزاب السياسية، فإنها تبقى شامخة لا تموت، ولا تهزها العواصف ولا الأرزاء.
مجرد نظرة إلى مدرجات الوحدة والتلال تشعر بنبض عدن، يسري في عروقك، ترفع رأسك، وتفاخر ذاتك بأنك إبنها الذي تحتويه بكل ما فيه من متناقضات، تراقب جمهور التلال، وهو يطربك بأناشيده قادماً صداها من زمن عميد الجزيرة والخليج فتشعر بأنفاس عدن تتغلغل في مساماتك، وبسمو روحها يفترس أحشاءك تعال من فضلك إلى مدرجات الوحدة ، فجمهوره يرقص على إيقاع المواويل رقصة يفوح منها عطر عدن، فتشعر وكأنك داخل كرنفال عدني، يتلون بكل أطياف قوس قزح، في مباراة الوحدة و التلال استمتعت بالجمهور وقد كان أكثر عطاء وتألقاً وحماساً من لاعبي الفريقين.
غنى الفنان العدني الشباب أحمد قاسم للتلال وللوحدة، بصم بصوته البديع على حقبة زمنية تتشكل من رحم معاناة مدينة تضغط السياسة على أنفاسه، غنى هذا الفنان لعدن بحس مرهف، فرست أحلام هذه المدينة على حنجرته، وانتفض الملعب عن بكرة أبيه، وقد تشكلت من طبقاته الصوتية حورية من بحار ألف ليلة وليلة.
شكراً من الأعماق لجمهور الوحدة (البطل) ، الذي نقل معه مسك وعنبر (الشيخ عثمان) وضواحيها، فرسموا بعيونهم فردوساً أخضر للوحة عدنية تُغني عن مليون تعليق.