> عدن «الأيام» فردوس العلمي:
تتزايد حالات الفقر والأسر الفقيرة في نمو منقطع النظير في اليمن. فبعد أن كان لدينا فئات مختلفة منها الأغنياء و الفئة المتوسطة، والبسطاء ممن يستطيعون تدبير احتياجاتهم اليومية والعيش بسلام. وكانت كل هذه الفئات فوق خط الفقر في اليمن عامة وعدن على وجه الخصوص، كون عدن أغلب ساكنيها يعتمدون على الراتب الحكومي الذي أصبح سرابا يحسبه الظمآن ماء، ولا يكفي قوت ثلاث أيام من الشهر.
يشير تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي اشتراط إمكانية التعافي في اليمن توقف الحرب، ولكن مازالت الحرب غولا يهجم بغتة على البسطاء ويهددهم كل صباح، فالحرب التي يخوضها المواطن ليست طلقة رصاص أو مدفع أو قصف طيران هي حرب خدمات وغلاء معيشة حيث شهدت المنطقة بعد التحرير حرب لعينة تمس قوت المواطنين.
وفقا للأمم المتحدة فإن اليمن في المرتبة 151 من بين 177 دولة، على مؤشر التنمية البشرية (HDI) وهو مقياس لمتوسط العمر المتوقع والتعليم ومستوى المعيشة، ويعتبر التقرير أن اليمن أفقر دولة عربية، رغم وجود عدة برامج وطنية لمحاربة الفقر، لكنها لم تكن كافية لتلبية احتياجات المواطنين.
"الأيام " التقت بعدد من الشخصيات لتسليط الضوء على الأوضاع التي تعيشها بلد تبحث عن السلام وسط براثين الفقر، ومن فقر وجوع وحاجة، وكثير من المواطنين أكدوا بأن القضاء على الفقر يعتمد على نشر السلام ومحاربة الفساد، فلا يمكن للسلام أن يعيش بين الفقر و الحرب، وحسب رأي المواطنين بان الفقر داء والسلام هو الدواء .
ويوضح السقلدي في حديثه بأننا في حقيقة الأمر شعبٌ من قبل هذه الحرب تفتك به كومة هائلة من المعاناة كالفقر والعوز والبطالة والجهل والفساد والجريمة وغيرها من المعاناة والحرمان، فما بالك بعد أن أتت هذه الحرب وزادت من تعميق الوضع ورمت بالبؤساء والجياع في قرارة هوة سحيقة من البؤس والفقر".
مشيراً إلى أن وقف الحرب والشروع بتسوية سياسية أولى هذه الخطوات، التي تكفل إلى حد كبير أن تخفف من هذا الكم من المعاناة".

موكدا بأن هذه الهوامير ومراكز القوى الفاسدة مستفيدة من بيئة خصبة تتكاثر فيها، ونعني هنا بيئة الحرب ووضع اللادولة. ومع ذلك نقول أن هذا لا يعني أن نظل مكتوفي الأيدي حتى تتوقف الحرب وتعود المؤسسات".
وحسب قوله "لا يزال هناك مخلصون كُثر يراهن على نقائهم ووطنيتهم، وقبل هذا إنسانيتهم ومروءتهم في ظل وضع موحش كهذا الذي يعصف بالبسطاء والمقهورين... فلا سلام ولا تنمية على وقع توجعات المحرومين وأنين الجياع والمظلومين وفي ظل أوضاع حروب وتحت راية وسطوة الفاسدين، وهيمنة تجار الحروب ومضاربي العملات ومحتكري السلع والخدمات ومافيا النفط والتهريب فقد بلغت القلوب الحناجر".
وعن الأسباب قال "تتعلق الأسباب بالفساد وسوء التخطيط والإدارة والمناخ السياسي المضطرب، وهي أسباب مازالت تلقي بتأثيراتها السلبية حتى اللحظة الراهنة".
وقال: "بأن اندلاع الحرب أسهم في تحويل البلد إلى واحدة من أكبر بؤر الأزمات الإنسانية في العالم، وأدت إلى إغلاق المصالح وتعطيل الأعمال وقطع شبكة طرق وإغلاق موانئ وتثبيط الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية. موكدا بأن المعالجات التي تقوم بها الحكومة في بعض الأحيان كانت غير موفقة".
وأشار خلدون حسن بأن قرار الحكومة بتعويم العملة وتحرير سوق النفط أدى إلى انهيار العملة الوطنية، ما زاد الطين بلة وأدى إلى مضاعفة الأسعار في السوق بخمسة أضعاف".
وتحدث عن السلبية في قرارات المجتمع الدولي والإقليمي، وقال"هذا القرارات تصنيف اليمن كمنطقة حرب أدى إلى رفع تكاليف النقل والشحن بصورة كبيرة وهوما انعكس في تكريس ظاهرة غلاء الأسعار التي أدت إلى انهيار الطبقة الوسطى في المجتمع وانتشار الفقر".
وأضاف "تبذل المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية جهدا يستحق التقدير في مكافحة الفقر لكنه غير عملي حيث تكرس جهودها في مجال الإغاثة والاستجابة الطارئة ولا تركز على التنمية المستدامة".
المواطن لطفي محمد صالح قال:"بأن الفقر في اليمن في توسع مستمر وازدياد متتابع. أصبحت الطبقة الكادحة تحت مستوى خط الفقر وكلما مر عام أصبح عدد الفقراء أكثر في اليمن".
وعن رده حول كيف يمكن أن يعالج الفقر قال: "يمكن معالجة الفقر بتثبيت سعر الصرف على ما كان عليه قبل الحرب وذلك بدعم البنك المركزي وتقليص عدد الصرافات التي تتحكم بالسوق ".
وقال: "بأن المؤسسات والجمعيات لا تحد من الفقر وإنما تساهم في التخفيف من معاناة المواطنين هذا إذا لم تكن لها أهداف أخرى "
أحد المواطنين اسمه أبو عبدالرحمن كان في سوق البساتين يشتري خضروات بسيطة، سالته كيف الحال؟ رد دون أن يلتفت لي"فقر وجوع وحاجة وابتسم بخبث قائلا: "لا تسأل عن سوق وأنت وارد اليه، فالفقر قطار سوف يدوس الجميع، تركني دون أن يضيف شيئا، غير تكرير جملة لو كان الفقر رجلا لقتلته ".
وقالت: "تبذل المبادرة جهودا كبيرة، حيث تعمل على منح الطلاب دروس تقوية، وفتحت فصولا لمحو الأمية وتحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار".
وتضيف نعمل بجهود ذاتية لا نجد دعما من المنظمات، وتوجد لدينا أسر كثيرة، لا تقدر على شراء مستلزمات رمضان وغيره، أو احتياجات العيد والمدارس حتى أن البعض لا يستطيعون أن يكفوا أسرهم في الأيام العادية، وكثير ليس لديهم القدرة على إدخال أبنائهم المدارس، ومن أجل هؤلاء أسسنا هذه المبادرة لنتعاون مع هذه الأسر، ونرفع أصواتهم للعالم ونعرف المنظمات بأن هنا أسرا أشد فقرا، مهمشة لا أحد يستجيب لها أو يسمع أصواتهم".
وتضيف: "ننظر للآخرين كما ننظر لأنفسنا ونشعر بهم، فكلنا فقراء، وأنا واحدة منهم، لا نقدر على شراء احتياجاتنا، فالراتب خمسة وعشرون ألفا، لا يكفي، وماذا يفعل من ليس لديه راتب؟ لهذا نعمل على تكافل المجتمع ليعش الجميع بكرامة".
وتدعو رئيسة مباردة الخير والتعاون أهل الخير والمنظمات الدولية والمحلية، أن تنظر إلى هذه المنطقة، فهناك أكثر من مائتي أسرة بأمس الاحتياج".
مدير مكتب الصحة بمديرية صيرة علي عبدالكريم ثابث قال:"الفقر في اليمن كان بنسب متفاوتة، لكن الجنوب -قبل الوحدة- كانت هناك عدالة اجتماعية واقتصادية، وهناك نوع من التساوي في مستوى الدخل، ولايوجد فقر مثل ماهو موجود في الشمال، كان الفقر في الشمال حيث كان النظام السياسي القبلي هو المستأثر بالثروة، وكانت نسبة الفقر كبيرة، بسبب وجود طبقة وسطى مابين الغني و الفقير ".
ويضيف "للأسف بعد الوحدة ونتيجة الاضطرابات السياسية والاقتصادية الداخلية والإقليمية والدولية، زاد عدد الفقراء في اليمن وبالذات في عدن نتيجة اعتماد المواطنين في عدن والجنوب بشكل عام على رواتب الدولة فقط".
ويؤكد علي عبدالكريم:"بأنه لا مجال لإنهاء الفقر في اليمن، إلا بتوقف آلية الحرب، فالفقر المدقع يزداد يوما عن يوم وسنةعن سنة أخرى، بفعل حرب 2015 والأزمة الاقتصادية العالمية والحرب التي أصابت الاقتصاد في مقتل وأدت إلى هبوط وتدهور العملة المحلية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية".
ويختتم حديثة بأسف قائلا: "أصبح أكثر سكان اليمن يبحثون عن قوت يومهم من براميل القمامة، الحرب هي من تجلب الويلات ولا حل للقضاء على الفقر إلا بإحلال الأمن والاستقرار في البلاد، والفقر ينتهي في عودة السلام إلى ربوع بلادنا الحبيبة، فلا يمكن أن يكون هناك سلام والفقر يطحن المواطنين".
مشيرا إلى "أن ظاهرة الفقر هي أكبر تحدٍ يواجه الناس، خاصة مرحلة الحرب، فالحرب لها آثار كبيرة جدا، مع عدم استقرار صرف الراتب لشهور طويلة لكثير من الموظفين".
وعن آثارظاهرة الفقر قال: "من أكبر آثار الحرب توقف عجلة التنمية وتدمير البنية التحتية، التي كان يعتمد عليها في مصادر الدخل و توقف المشاريع الاستتمارية، وهو ما أدى إلى خروج جيش كبير من العاطلين عن العمل، إضافة إلى توقف كثير من المؤسسات التي كانت مواقع عمل للمواطنين، كالمؤسسات الاقتصادية والمصانع الإنتاجية.
وكل هذه التراكمات أثرت على حياة الناس وعلى دخولهم ومستواهم الاقتصادي وحياتهم المعيشية، ورمى بقطاع كبيرمن المواطنين في دوامة الفقر".
وعن أسباب الفقر قال: "نزوع الحالة الفردية ومظاهر الصراع والتباغض والحسد والكراهية، بهذا تضعف الروح الجماعية ويظهر التفكك ويضعف التضامن الاجتماعي، مما يزيد من حالة البؤس وانتشار بعض الجرائم".
ويوضح "إحلال السلام ليس بهذه الطريقة الحالية، التي لا تقوم على أساس البعد الإنساني و الاجتماعي والأخلاقي، وحسب رأيه بأن محاولة مكافحة الفقر أصبحت مع الأسف ثقافة مكرسة في المجتمع، والادعاء الدائم بأنه مجتمع فقير والناس فقراء".
وقال: "ظاهرة الفقر ظاهرة خطيرة عمت الكثير من شرائح المجتمع، إن جاز التعبير، المجتمع كله يعيش حالة من الفقر في هذه الحرب التي دمرت الكثير مصادر دخل الناس، والموارد التي كانت تساعدهم على الحياة في المجتمع".
وحاليا نحن في حالة استتنائية لغياب الدولة ومؤسساتها الداعمة والمعنية لإيجاد مشاريع قادرة على حل مشكلة الفقر".
أوضحت الإعلامية نور صمد أن أسباب الفقر كثيرة من أهمها عدم التوزيع العادل لمقدرات الوطن وفساد الحكومات وعدم استقرار العملة، وحسب رأيها بأن استقرار العملة يحسن الحياة نوعا ما، وتحسين مستوى دخل الموظف ورفع كفاءة عالية، إننا نملك ثروة هائلة لكنها تصرف لتحسين مستوى الفاسدين، دون التفكير في حال المواطنين، و أضافت، نحن شعب ليس فقيرا، بل غني بالثروات ولكن الفاسدين من أغلقوا علينا الحياة وجمالها، اليمن ليست دولة فقيرة بل غنية بثرواتها، لابد أن يتركها الفاسد الذي نهش قلبها ورماها مثقلة بالجراح، لليمن ثرواتها السمكية و السياحية، و الذهب و النفط والموانئ. ونتساءل متى سيكون لنا شأن؟ ولن يكون لنا شأن إلا إذا غادر عنها اللوبي الفاسد تركنا ورحل إلى نار جهنم".