> "الأيام" سبوتنيك
ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، صباح أمس السبت، في العاصمة الإيطالية روما متحدثا في تفاؤل كبير عن تطبيع مرتقب للعلاقات بين بلاده والسعودية، وعن خطط لمد خط سكة حديد بين المملكة وحيفا.
لكن توقيع اتفاق- للمفارقة بعد ساعات فقط من تصريحات نتنياهو- لاستئناف العلاقات بين الرياض وطهران، كان بمثابة الصدمة التي استفاق عليها نتنياهو من أحلامه الوردية.
ينهي الاتفاق بين السعودية وإيران 7 سنوات من القطيعة بين البلدين تخللتهم توترات متزايدة في العديد من الملفات أبرزها الحرب في اليمن.
- تلاشي حلم إسرائيل
يقول تسفي برئيل، المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس" العبرية، تعليقا على الاتفاق بين السعودية وإيران: "تلاشى حلم إسرائيل في إقامة تحالف عربي دولي ضد إيران، (الجمعة)، بإعلانها أنها ستستأنف علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية في غضون شهرين".
وتوقع برئيل، أن يمهد الاتفاق لإنهاء الحرب في اليمن، ويؤدي إلى حل مستدام للأزمة في لبنان – وربما يدفع أيضا لاستئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي.
- فشل السياسة الخارجية الإسرائيلية
تحت عنوان "الاتفاق الإيراني السعودي يكشف أنه لا توجد سياسة خارجية لإسرائيل"، كتب الدكتور ميخال ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب والدكتور راز زيميت الخبير في شؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، مقالا مشتركا في صحيفة "يديعوت أحرونوت" تطرقا فيه للأزمة السياسية التي تعيشها إسرائيل منذ سنوات في ظل عدم وجود حكومة مستقرة وتسببها في تدهور السياسة الخارجية الإسرائيلية.
وأضاف: "لا يتم تحليل كل تحد استراتيجي ينشأ من الداخل أو الخارج بشكل موضوعي، ولكن يتم وصفه على الفور بأنه إنجاز مثير للإعجاب لحزب سياسي واحد أو كدليل على فشل هائل للطرف الآخر. وبدلا من صياغة رد مناسب، يتم تخصيص الأحداث كـ "أسلحة" ضمن تبادل الضربات بين المعسكرين المتنافسين".
واعتبر الخبيران أن الاتفاق بين الرياض وطهران دليل آخر على هذه المشكلة، حيث "سارع السياسيون الإسرائيليون إلى استغلال الاتفاق لمهاجمة بعضهم البعض وإلقاء اللوم على بعضهم البعض: وصف (رئيس المعارضة يائير) لابيد الاتفاق بأنه "فشل كامل وخطير للسياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية" نتيجة الانشغال بـ "الجنون القضائي"( إشارة إلى خطة حكومية لإصلاح القضاء)؛ وردا على ذلك ألقى نتنياهو المسؤولية على حكومة بينيت- لابيد واتهمها بعدم اتخاذ موقف حازم بما فيه الكفاية عندما بدأت المحادثات بين الطرفين (إيران والسعودية) قبل حوالي عام".
مع ذلك يخلص ميلشتاين و زيميت إلى أنه "من الناحية العملية، لا ينبع الاتفاق من سلوك إسرائيل بل من تطورات إقليمية ودولية واسعة. تسعى السعودية إلى تخليص نفسها من المستنقع الذي وجدت نفسها داخله في اليمن وتخفيف التوترات مع إيران، التي هاجمت منشآت الوقود في المملكة عام 2019".
وتابعا: "يسعى النظام الإسلامي إلى تخفيف الضغط الدولي عليه وإنهاء الدعم السعودي لقناة "إيران إنترناشيونال" التلفزيونية، التي كانت بمثابة أداة رئيسية ضده في موجة الاحتجاجات في الأشهر الأخيرة. من المرجح أنه بغض النظر عن هوية رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن الخطوة السعودية الإيرانية كانت ستتبلور في نهاية المطاف في اتفاق".
- خيبة أمل سعودية من واشنطن
بدورها، ذهبت القناة "13" الإسرائيلية في تحليل نشرته، اليوم السبت، إلى أن الاتفاق بين الرياض وظهران، يعبر إلى حد ما "عن خيبة أمل المملكة العربية السعودية تجاه الولايات المتحدة فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي لم توفرها، وقد يشير الاتفاق إلى أن الخيار العسكري الأكثر عدوانية ضد إيران لم يعد على جدول الأعمال بالنسبة للسعودية، والكرة الآن في ملعب إيران، وعليها أن تثبت استعدادا حقيقيا لتكون جارة جيدة للمملكة".
وقالت القناة إن الاتفاق يمكن أن يبلور ما يمكن تسميته "شرق أوسط جديد"، إذ أن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران "له تداعيات بعيدة المدى على منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما على صراع إسرائيل مع إيران، وعلى علاقات إسرائيل مع السعودية، وعلى الصراع من أجل الهيمنة بين الولايات المتحدة والصين في المنطقة".
وأشارت القناة إلى الاتهامات المتبادلة في إسرائيل بين حكومة نتنياهو وسابقتها حول الاتفاق المبرم بين إيران والسعودية.
- انتصار صيني وقلق إسرائيلي
ورأت القناة "13" أن "انتصار الصين بنقطة واحدة على الولايات المتحدة في الصراع من أجل الهيمنة في المنطقة هو العنوان الرئيسي لهذه القصة، وقد تم تسجيل النجاح الصيني بالتزامن مع المحاولات الأمريكية للوساطة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، والتي حتى الآن، لم تؤد إلى اختراقة في العلاقات".
"كانت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي استقبل هناك بترحاب وتأييد، هي النقطة التي بدأت فيها الصين التخطيط لانتصارها السياسي الأول كقوة دبلوماسية في الشرق الأوسط"، تابعت القناة.
- استمرار "العلاقات السرية"
وكتب في مقال بعنوان " بن سلمان لا يثق بالولايات المتحدة واختار طريقا دبلوماسيا مع إيران": "إسرائيل، وخاصة نتنياهو، بذلت جهوداً كبيرة في إقامة علاقات مع السعودية وعزل إيران، لكن اتفاق الأمس لم يضع حدا لذلك. العلاقات السرية مع الرياض ستستمر، وفي ظل ماضٍ مليء بالأزمة مع طهران، لا يُعرف ما سيحدث لاتفاق المصالحة الحالي".
وأمس الجمعة، أصدرت كل من السعودية وإيران والصين بيانا مشتركا، أعلنت فيه الدول الثلاث قيام طهران والرياض بتوقيع اتفاقية لاستئناف العلاقات بين البلدين، برعاية من الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وأضاف: "يتضمن (الاتفاق) تأكيدهما (البلدين) على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وقطعت السعودية وإيران علاقاتها في يناير/كانون الثاني 2016، بعد تعرض سفارة الرياض لدى طهران وكذلك وقنصليتها في مدينة مشهد إلى اعتداءات احتجاجا على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، لإدانته بتهم منها الإرهاب.