> «الأيام» غرفة الأخبار:
مهّدت سلسلة انتصارات الصين الدبلوماسية في الخليج الطريق لنفوذ سياسي أكبر، وسلَّطت الضوء على موقف الولايات المتحدة غير المستقر بشكل متزايد في المنطقة.
لدى الصين تاريخ من الحياد ومع اكتسابها نفوذًا اقتصاديًا وحصة سوقية متزايدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حافظت بكين على سمعتها كسوق محايدة، وأجرت التجارة مع جميع الدول وظلت بمعزل عن السياسة الإقليمية.
تتناول دراسة للباحث فؤاد شهبازوف في "منتدى الخليج الدولي" دور الصين في التطبيع الدبلوماسي بين السعودية وإيران بعد سنوات من التنافس والذي كان بمثابة صدمة لكل من خبراء الشرق الأوسط والغرب حيث يمكن أن يساهم الانفراج السعودي الإيراني في تهدئة التوترات المميتة، لا سيما في منطقة الخليج.
- دبلوماسية التنين
تشير الدراسة إلى أن الصين اتخذت موقفًا معتدلًا من اليمن بعد اتفاق التطبيع السعودي الإيراني الذي تم التفاوض عليه، وأعربت الحكومة الصينية عن استعدادها "لمواصلة بذل الجهود لتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين وتحقيق سلام دائم في اليمن"، بل يؤكد المقال أنه حتى قبل تأمين الصفقة السعودية الإيرانية، عملت بكين بهدوء نحو اتفاق سلام في اليمن، مستخدمة مصداقيتها كقوة محايدة لصالحها، بحلول عام 2023، عقد القائم بالأعمال الصيني في سفارتها في اليمن، شاو تشنج، 5 اجتماعات منفصلة مع أعضاء مجلس القيادة الرئاسية اليمني.
وفي ذات السياق، يرى الكاتب أن جهود بكين المؤيدة للسلام في اليمن ودبلوماسيتها الناجحة بين المملكة العربية السعودية وإيران أكسبتها استحسان الأمم المتحدة، ما أعطى جهودها المستقبلية مصداقية أكبر.
- أفضل بالمقارنة
يشير الكاتب إلى أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة أعربت عن معارضتها المستمرة للصراع اليمني الذي بدأ في عام 2014 واتخذت سلسلة من المبادرات الدبلوماسية لإنهائه، فإن جهودها كانت غير مثمرة إلى حد كبير ما جعل المناورات الدبلوماسية الصينية تبدو أكثر نجاحًا من خلال المقارنة وإثارة مخاوف بشأن تضاؤل نفوذ واشنطن في المنطقة التي فضلت العمل مع حلفائها في السعودية والإمارات في السابق.
وكان سعى كل من هاتين الدولتين إلى إقامة علاقات اقتصادية أوثق مع الصين، وتوسع مشاعر التقارب تجاه بشار الأسد السوري ورفض الطلبات الأمريكية للمساعدة في خفض أسعار النفط بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ما أدى إلى تقويض صفقة "النفط مقابل الأمن" التقليدية في جذور العلاقات الأمريكية السعودية الحديثة.
وترجح الدراسة أنه إذا استمر هذا الاتجاه، فمن المرجح أن تواصل الصين مشاركتها في عملية السلام اليمنية، وفي إطار جهودها للتطبيع مع طهران، ستعيد الرياض توجيه كل اهتمامها ومواردها إلى الصراع اليمني بالتزامن مع إيران، فلم يعد لطهران مصلحة في نزاع طويل الأمد في اليمن أكثر من الرياض، ويمكنها استخدام النفوذ الذي اكتسبته في اليمن للضغط على مقاتلي الحوثيين من أجل هدنة طويلة الأمد.
ووفق الدراسة إذا نجحت هذه التحركات، فقد تعمل الصين كضامن لوقف إطلاق النار، ما يمنح القادة السعوديين الطريق الذي طال انتظاره للخروج من الصراع الذي طال أمده. مع الأخذ في الاعتبار شراكة إيران الوثيقة مع الصين، يمكن لطهران أيضًا أن تطلب من بكين إقناع السعودية بوقف الأعمال المعادية لإيران في منطقة الخليج والحث على معاملة عادلة للجماعات الشيعية في جوارها المباشر.
لهذا يرى الكاتب أنه يوجد لدى جميع الأطراف المعنية سبب للترحيب بالمشاركة الصينية العميقة في عملية السلام اليمنية ومساعدتها في حل أحد أكثر النزاعات التي طال أمدها وتدميرها في الخليج.
"الخليج الجديد"