​كلمة "لبيك" معناها أنني مقيم على طاعتك، اتجاهي إليك وقصدي وإقبالي على أمرك، أي أنني تركت كل الدنيا بمباهجها وزخارفها واستجبت لدعوتك وأقمت على طاعتك يا رب، فيقول الحاج "لبيك اللهم": أي سمعاً وطاعة وفي الكلمة معنى الترحيب بالتكليف وصفاء النفس.

 ومن ثم يعترف بأن الملك كله لله وحده لا شريك له، فيصدح قائلاً: "إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، دون أيّ إعراض عن سياسة الله في خلقه أو الاعتراض على مبدأ التنوع والاختلاف الذي حباه للعالم البشري بعقائدهم وأديانهم، أفكارهم وثقافاتهم، آرائهم ورؤاهم.

وفيها عبرة كبيرة..!!

فالحاج يترك كل شيء يألفه، يترك بيته ووطنه وأهله وماله وثيابه التي يحبها وأشياء كثيرة أحلها الله له، ويلتزم -مع ذلك- الأدب مع الكون كله، مع الجماد والنبات والحيوانات وسائر المخلوقات، فهو مثلاً لا يقترب من شجرة ليقطع أغصانها ، ولا من أي كائن ليدمره، خاصة أخيه الإنسان الذي هو أشرف المخلوقات، الإنسان الذي منحه الخالق عز وجل تاج الحرية والمساواة ، وقد أعطاه الحق الكامل في الحصول على فرصة عادلة في مناحي الحياة الدراسية و العلمية والعملية والخدمية و... وهذه الجملة الشهيرة "متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!" ستظل نبراساً مضيئاً يظهر حق الإنسان في الكرامة والحريّة إلى الأبد.

كلمة " لبيك" في مقام..!!

دعوة للطاعة و اتباع امرالله وقبول الكلمة الإلهية، والتعامل باحترام و محبة مع الجميع دون احساس بالتفوق على الآخرين والاذعان بكل خضوع وخشوع "أن الملك كله لله وحده لا شريك له، الدنيا والآخرة، الملك والملكوت" وهو رب العالمين.

فهل تثبت هذه الطاعة بظلم الآخرين؟ باعتقال النفوس المؤمنة البريئة المسالمة وقهر أسرهم؟

يقال أن: "يوم المظلوم طوله ألف سنة" ، لأن المظلوم إذا يئس من العدل قد يفقد طعم الحياة، ومن أهم حقوق الإنسان حقه فى العدالة. وإن العدل البطيء هو ظلم سريع.

وما من مظلوم عرفته إلا وأنصفه الله..!!

قد يجيء الإنصاف متأخرًا سنة، سنتين، بضع سنوات أحيانًا.. ولكنه يجئ، وكأن في السماء محكمة متخصصة في تعقب المظلومين، وتعويضهم عن الظلم الذى ذاقوه والقهر الذى كابدوه.

إن تفكر ساعة خير من عبادة سبع٧٠ين سنة .

ودمتم سالمين .