إن الحواضن الشعبية ليست ملزمة بمحاربة الإرهاب، فهي حرب ليست بمقدورها ولا تحتملها، حرب دولية أمنية مخابراتية عسكرية لا تستطيعها المجتمعات المحلية، لكن مصلحتها وسلامة مناطقها تفرض عليها أن تكون شريكة في محاربته، ولا تترك مناطقها مرتعًا له يقتل ويفخخ، إذ تمتلك وسائل تأثير وضغط تقليدية تستطيعها، يجب تفعيلها فدخول الحملات العسكرية لمحاربة الإرهاب مع سلبية الحواضن التي يتواجد فيها ستكون مؤلمة لها، إذا لم تتحمل مسؤوليتها وتكون شريكة، وتضغط بوسائلها على إبعاد تلك العناصر عنها.
التقدم الذي أحرزته القوات الجنوبية في محاربة الإرهاب في "أبين" كبير جدا، طهّرت معاقل وأماكن كانت حكرًا عليه خلال عقود، ليس لقوته ولا لشعبيته فيها، لكن أنظمة "صنعاء" أرادت تنميط محافظة أبين ملاذًا ومعقلًا ومنتجًا للإرهاب، فتغاضت "نخبها" عن تسكينه في محافظتها، وإذا ما قامت حملات لمحاربته، فإنها تصل إلى نقطة تلفت انتباه العالم لهذه المنطقة، ثم تنتهي الحملة بمجرد أن تتأكد سلطة صنعاء من نجاح التنميط!!
في محاربة الإرهاب اتبعت القوات الجنوبية استراتيجية النفس الطويل، وسلب الإرهاب المبادرة ومطاردته ومنعته من الاستفادة من الحواضن الشعبية لتكون متاريس مجتمعية له، وحافظت عليها بقدر المستطاع من الأخطاء العسكرية، وهو ما كان يراهن عليها الإرهاب لكي تتحول الحواضن المجتمعية ملاذات
إخفاء وحماية لعناصره، وتعاونت الحواضن المجتمعية في محاربته، ولولا تعاونها ما حققت القوات الجنوبية إنجازاتها وتجنبت في ذات الوقت الأخطاء غير المقصودة التي قد تحصل، نتيجة العمليات الحربية في الحواضن المجتمعية.
الإرهاب ينتشر في أماكن كثيرة كأفراد في كل المناطق، ويتخفّى كفكر في خطابات دينية، أبرزها الخطاب الإخواني، وهو متواجد الآن بشكل ظاهر في بعض مناطق من محافظتي أبين وشبوة في الجنوب، ويتعايش ويتخادم مع الحوثي ومع الإخوان أينما وجدوا في المحافظات الشمالية، وتقوم استراتيجيته على الرعب والحملات الخاطفة على النقاط والتفجيرات والاغتيالات والخطف والمفخخات، وغيرها من الأساليب ويسانده "إعلام متعاطف" معه يستفيد من حرية الفضاء الإلكتروني، بعضه ينفي وجود الإرهاب وإن المعارك ليست ضد الإرهاب!
وبعضه ينقل ويضخّم ويغطي أي تفجير أو عمليات ويستخدمه دليلًا على أن حملات محاربته ما حققت أهدافها رغم أنها عمليات محتملة من الإرهاب في سياق هذه الحرب.