> «الأيام» غرفة الأخبار:
قفز باب المندب، المنفذ اليمني الاستراتيجي على البحر الأحمر، إلى واجهة الأحداث المتصاعدة في المنطقة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واحتجاز الحوثيين سفينة إسرائيلية، في تطور لافت قد يكون له صدى واسع على التجارة الدولية بما فيها تجارة النفط.
ويشرف مضيق "باب المندب"، غرب اليمن، على أهم الطرق الدولية التي تربط شرق العالم مع غربه، حيث يمر عبره حوالي 6.2 ملايين برميل من النفط الخام والمشتقات النفطية يوميًا، إضافة إلى أكثر من 30 % من التجارة العالمية للغاز الطبيعي، ناهيك عن أن أكثر من 10 % من إجمالي التجارة العالمية تمر عبر هذا المضيق الذي يشرف عليه اليمن.
وفي تسارع للأحداث على الممرات المائية في البحر الأحمر، أعلنت سلطة الحوثيين في صنعاء، عبر بيان نُشر باسم القوات المسلحة اليمنية، أنها ستستهدف جميع أنواع السفن الإسرائيلية والتي تعمل لصالح كيان الاحتلال، داعية جميع دول العالم إلى سحب مواطنيها العاملين عليها وتجنب التعامل معها، وكذا استهداف جميع السفن التي تحمل علم إسرائيل، والسفن التي تقوم بتشغيلها شركات أو تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية.
وقال الباحث الاقتصادي اليمني عصام مقبل لـ"العربي الجديد"، إن ما يجري في البحر الأحمر تطورًا خطيرًا سيكون له ما بعده في تطورات الأحداث المتصاعدة في المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، في ظل تخندق ومساندة واسعة من قبل أميركا وشركاتها العملاقة ودول أوروبية، وخذلان عربي.
ووفق مقبل فإن الاستهداف المتداول للسفن الإسرائيلية على البحر الأحمر يشكل اختراقًا نوعيًا مهمًا لهذا الجدار الدفاعي السميك الذي وضعته أميركا لحماية إسرائيل في عدوانها على غزة، حيث قامت بنشر ناقلاتها العسكرية العملاقة في المياه الدولية في البحر الأحمر، الذي توجد فيه أيضًا سفن عسكرية لدول كبرى في هذا الحلف الذي يساند ويدعم العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
أما الباحث الاقتصادي اليمني رشيد الحداد، فأكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أهمية باب المندب الذي يحتل المرتبة الثالثة عالميًا بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يوميًا نحو 4 % من النفط عالميًا، وسبق أن استخدم في حرب أكتوبر 1973 ورقةَ ضغط على دولة الكيان الإسرائيلي.
وبحسب الحداد فإن إعلان صنعاء قبل أيام حظر مرور سفن إسرائيل لا يهدد الملاحة الدولية، كون الإعلان محدد باستهداف سفن تعتبرها صنعاء معادية وقرارها يأتي رد فعل على جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
كما أن الحديث عن اختطاف سفينة تابعة لشركة إسرائيلية، حسب الحداد، لن يهدد الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب بقدر ما هو تهديد للملاحة الإسرائيلية. "مع ذلك، أي ردود أفعال قد تتسبب بإغلاق المضيق الدولي سيكون لها تأثير كبير على حركة الملاحة الدولية في باب المندب الذي تمر عبره 21 ألف سفينة سنويًا"، وفق الحداد.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، اعتبر البنك الدولي اليمن المحور الأهم في توقعاته للتغيرات المحتملة على الأسواق والتجارة الدولية، كونه يتحكم بشكل مباشر بمضيق باب المندب الذي يمر منه نحو 7 ملايين برميل نفط يوميًا، والذي يعد شريانًا رئيسًا للاقتصاد العالمي، محذرًا من أن سعر النفط قد يرتفع إلى مستوى قياسي عند 157 دولارًا للبرميل إذا اتسع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.
وتوقّع خبراء اقتصاد تضرر الملاحة الدولية بشكل كبير في حال كان هناك أي استهداف للسفن وممرات التجارة الدولية، إذ حدد تقرير، صادر عن البنك الدولي مطلع نوفمبر الحالي 2023، ثلاثة سيناريوهات للمخاطر وسط الحرب الإسرائيلية في غزة، أبرزها السيناريو الذي أطلق عليه "الاضطراب الكبير" حيث ستنخفض إمدادات النفط العالمية بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يوميًا. ويقول التقرير إن ذلك من شأنه أن يدفع الأسعار للارتفاع بنسبة 56 % إلى 75 % في البداية، إلى ما بين 140 و157 دولارًا للبرميل.