> "الأيام" القدس العربي:
استهدفت جماعة الحوثي اليمنية أكثر من مرة مدينة إيلات على البحر الأحمر جنوب إسرائيل بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة؛ ردا على حرب إسرائيلية مدمرة ومتواصلة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
إيلات تبعد عن العقبة 16 كيلو مترا، ويرتبطان بمعبر وادي عربة (معبر إسحاق رابين من جهة إسرائيل)، وكلاهما ساحليتان على خليج العقبة في البحر الأحمر.
ورغم إعلانات غير رسمية عن إسقاط الأردن مسيّرات اخترقت مجاله الجوي في المنطقة، إلا أن ذلك لا يستبعد، بحسب مراقبين، أن يكون المشهد بصورته العامة “ورقة ضغط” أردنية جديدة على إسرائيل، خاصة في ظل موقف “صلب” لعمّان ضد الحرب على غزة.
ولم يعلن الجيش عن مصدر إطلاق الطائرة المسيّرة، لكن جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، قالت في اليوم ذاته إنها أطلقت مسيرات تجاه إيلات.
كما استهدفوا بصواريخ ومسيرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، “تضامنا مع غزة”.
- تأثير سلبي كبير
وإجمالا، تستحوذ التجارة البحرية على 70 بالمئة من واردات إسرائيل، ويمر 98 بالمئة من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط، وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بنسبة 34.6 بالمئة في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.
عبد الحميد، وهو كندي من أصول سورية، استدرك: “إسرائيل تمتلك موانئ أخرى على البحر المتوسط، أما الأردن فالمنفذ البحري الوحيد هو العقبة القريبة جدا من إيلات، وبالتالي ما يحدث يؤثر بشكل سلبي وكبير على المملكة”.
وأوضح أنه “من الناحية الاقتصادية، ارتفعت أجور الشحن عبر البحر الأحمر بشكل كبير وزادت تكلفة التأمين على الشحنات البحرية، وهذا سيضغط على الاقتصاد الأردني ويزيد الأسعار على المستوردات، ومنها النفط، ويزيد من كلفة الصادرات الأردنية كثيرا”.
- وضع السياحة
وزير السياحة الأردني مكرم القيسي، قال في 26 ديسمبر، إن “الأزمة التي يمر بها الأردن والتداعيات السلبية على الاقتصاد الكلي وعلى قطاعات كثيرة منها قطاع السياحة؛ جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في غزة وفلسطين المحتلة، ليست الأولى التي يتعرض لها خلال العقود الماضية”.
القيسي أضاف أن الدخل السياحي لنفس الفترة بلغ حوالي 4 مليارات و894 مليون دينار (6 مليارات و892 مليون دولار)، بزيادة 30.5 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2022.
و”حين النظر إلى أرقام المنشآت المغلقة والجديدة، يظهر النمو الحقيقي للقطاع السياحي، وهذا دليل على أن القطاع مرن ومنيع”، كما زاد الوزير.
- ماذا يفعل؟
وأوضح أن “المملكة ودول المنطقة العربية، وخاصة دول الخليج ومصر، أصبحت مضطرة للتفاوض مع الحلف الإيراني بما يملكه من أدوات في اليمن، تتمثل بالحوثي، وفي سوريا ولبنان تتمثل بالمليشيات”.
عبد الحميد رأى أن “إيران تحاول أن تملأ فراغ المنطقة بحكم الواقع الجيوساسي الجديد فيها، من خلال تثبيت نفسها كقوة إقليمية كبرى، لا سيما مع وجود أذرعها التنفيذية”.
وشدد على أن هذه الأذرع “تشكل كابوسا أمنيا وحضاريا للدول العربية من جهة، والاحتلال الإسرائيلي وما يفعله من تدمير للبشر والحجر في غزة من جهة أخرى”.
وبالنسبة لما يمكن أن يفعله الأردن، تحدث عبد الحميد عن “العمل الجاد وبكل قوة على وقف الحرب على غزة والتعاون الجاد مع الدول العربية في هذا، لسحب ورقة مساندة المقاومة في غزة من الحوثيين، الذين استغلوا ما يحدث ونجحوا في التأثير في الاقتصاد الاسرائيلي وشغلوا ماكينتهم الإعلامية”.
أما رسالة الحوثيين الثانية، وفقا لعبد الحميد، فقد “وُجهت إلى الشعوب العربية والمسلمة المتعاطفة بشكل هائل مع غزة، فقد انفرد الحوثيون بمظهر المقاوم والمعين لفلسطين، وبالتالي مزيد من الاختراق الإيراني لهذه الشعوب واستغلاله لتأسيس أذرع جديدة في مناطق أخرى”.
وشدد على أنه “لابد من عمل إعلامي كبير يُظهِر ما تفعله الدول العربية من أجل غزة، ويبين في الوقت ذاته الحقائق والنوايا السياسية للحوثي وداعميه”.
كما دعا عبد الحميد “الأردن ودول الخليج ومصر إلى استخدام كل الإمكانات للضغط على الجانب الغربي لوقف الحرب (في اليمن) خاصة أن الغرب سّهل وتساهل كثيرا مع الحوثي”.
ومضى عبد الحميد قائلا: “لا بد من إنشاء ورش عمل لإدارة الأزمة والتعاطي معها على أساس استراتيجي؛ فالأمن العربي على المحك، ووضع خطة للتعاطي الجماعي مع الجانب الإيراني والإسرائيلي بشكل جماعي، بما يفيد في استقرار المنطقة والحل العادل للقضية الفلسطينية”.
- التحالف البحري ومصر
وتابع: “الأردن دولة خدمية، لذا فالضرر سيطال أهم قطاعاته الاقتصادية، وهي السياحة، لا سيما وأن العقبة معروفة بأنها قبلة للسياح من مختلف دول العالم، وسيدفع بالمملكة إلى الاستدانة”.
وفي 18 ديسمبر الجاري، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تشكيل قوة عمل بحرية باسم “حارس الازدهار”، تضم 10 دول بينها دولة عربية وحيدة، هي البحرين، لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وتحدث عما أسماه “محاولات استهداف إيران لأمن الأردن”، مدللا على ذلك بازدياد عمليات التهريب على الحدود السورية، من خلال مليشيات محسوبة على طهران، على حد قوله.
واستطرد: “مَن استهدف شمال الأردن لن يتورع عن تكرار ذلك في جنوبه”، دون أن يستبعد مدانات أن يتطاير شرر التداعيات في إيلات إلى العقبة.
وشدد مدانات على أن “الأردن سيستخدم الخيار الدبلوماسي والغموض الإيجابي مع إيران، ومن مصلحته التهدئة وتخفيف اللهجة مع طهران وليس استعداءها في الوقت الحالي”.