الحرب لم تنتهِ بعد ودخلت منعطفا خطيرا بتهديد الملاحة الدولية، وهناك من يستعجل في سلق التسوية متجاهلا الحقائق الجديدة التي طرأت على الأرض، الكل في المأزق ولا يستطيع أحد أن ينفذ بجلده على حساب الآخرين، وهناك قضايا حساسة لا بد من حلها حلاً عادلا حتى تستقيم الأمور وتعود إلى طبيعتها.

الجنوب وعدن يدفعان ثمن تحررهما من الغزو الحوفاشي وكأنهما اقترفا ذنبا لا يمكن غفرانه ويأتي من ينصب عليهما حكام من بقايا نظام 7/7 يتعاقبون في ظلمهما وإهانتهما وإرهابهما بشتى الوسائل بدءًا من إيقاظ خلايا الإرهاب إلى افتعال حروب الخدمات وإلى قطع الرواتب مع إهدار موارد الجنوب لخدمة أغراض أخرى في مناطق تحت سيطرة الحوثي عيني عينك، بينما بعض المناطق التي تسيطر عليها أحزاب من بقايا نظام 7/7 لها مطلق الحرية في إدارة ذاتها، والتصرف بمواردها كيفما تشاء دون حسيب أو رقيب.

اليوم وصل وضع عدن والجنوب إلى الحضيض.. حالة مأساوية يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة وخروج المنظومة الكهربائية من الخدمة في عدن وما جاورها بفعل فاعل وتستخدم لعبة القط والفأر: وصل الوقود؟ لا لم يصل، ولا يعقل أن تكون هناك رئاسة وحكومة تعيش في عالم خرافي بمنطقة معاشيق لا تكترث لما يدور خلف الجبال التي لا تبعد عنهم كيلومترات محدودة، حيث يعيش شعب يحترق من حر الصيف أطفال وعجزه وأمراض في المستشفيات ويعيشون المعاناة ولا تحرك هذه الرئاسة والحكومة ساكنا، بينما يتم التصرف بموارد المحافظات الجنوبية في أمور أخرى لا صلة لها بخدمات المواطنين وزد فوق ذلك أن المرتبات لا تُوفَر للناس في وقتها المناسب، بل ينتظر الشخص راتبه ليصله بعد عدة أشهر.

انكشف المستور وأصبحت هذه السياسة العقابية الموجهة تهدف بدرجة رئيسية إلى تحريض الناس للخروج إلى الشوارع ضد المجلس الانتقالي الذي يمثل إرادة شعب الجنوب، لكي يسحبوا ثقتهم منه وبعدها تنتزع الشرعية منه قرار الانفراد بالتسوية وتمرير الصفقة على حساب شعب الجنوب، هذه السياسة تهدف إلى ضرب شعب الجنوب ببعضه البعض.. هذا الشعب الذي قدم التضحيات من أجل استعادة دولته المختطفة.

أمام شعب الجنوب خيارا واحدا إن أراد أن يعيش بكرامة وهو الخروج العلني في كل المحافظات الجنوبية يطالب بموضوع واحد فقط وهو تفعيل الإدارة الذاتية الكاملة وعندها يتطلب من الانتقالي أن يلبي هذا الطلب فورا دون تردد وتتخذ الإجراءات لتشكيل حكومة مصغرة لإنهاء المهزلة.. هذه الحكومة تعني بشؤون الخدمات الكهرباء والصحة والتربية والشؤون الداخلية للأمن العام والإدارة المحلية والشؤون المالية مع توابع القضاء والنيابة العامة، على أن ذلك لا يتعارض مع بقاء الانتقالي مشاركا في الشرعية مع تبدل المهام.. تكون المشاركة فيما يخص قضيتين فقط وهما استعادة الأراضي المسيطر عليها الحوثي إن أرادت الشرعية والشؤون الخارجية كما أن الانتقالي يظل سندا للتحالف فقط في تلك القضيتين.

هذه مهمات عاجلة لا تتطلب التأخير حتى يظل شعب الجنوب حيا وعلى قيد الحياة يدير شؤونه بنفسه دون تدخل من نظام 7/7 أو غيره من الأنظمة التي لا تمت للجنوب بأي صله ولا يوجد داعٍ للتذاكي في خلط الأوراق التي أثبتت التجربة فشلها واستحالة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، ونعرف يقينا أن هذه الشرعية لا تعمل من أجل استعادة شرعيتها في صنعاء، ولكن من أجل محاربة الجنوب وإخضاعه لشرعية صنعاء.