> طهران «الأيام» العرب:
عاد الإيرانيون إلى التلويح بالبرنامج النووي كورقة ردع فعّالة بأيديهم، وذلك بعد انكشاف محدودية القدرات العسكرية لطهران خلال هجومها الصاروخي الأخير على إسرائيل، ما وضعها في إحراج بالداخل وكذلك أمام “محور المقاومة” إقليميًّا، وهزّ صورتها كخصم مفترض لإسرائيل والولايات المتحدة.
وفي رسالة طمأنة للداخل وللأصدقاء وتحدي الخصوم، قال عضو المجلس الأعلى للأمن القومي في البرلمان والنائب المحافظ جواد كريمي قدوسي إن بلاده لديها القدرة على إجراء أول تجربة نووية في غضون أسبوع إذا سمح بذلك المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأعلن مدير الطاقة الذرية الدولية رافائيل ماريانو غروسي أن طهران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع عدة قنابل نووية إذا أرادت ذلك.
وتعرف طهران أن الحديث عن تصنيع أسلحة نووية حال تعرضها لتهديد سيجلب إليها الأنظار وخاصة من الولايات المتحدة. فلا أحد يستهين بالحديث عن النووي والاستعداد له، ما يفتح الطريق أمام عودة الوساطات والتحركات لإثناء إيران عن توجهها وتقديم الضمانات الأمنية لها، ومن ثم تبديد الصورة التي ظهرت بعد الهجوم الفاشل على إسرائيل كرد على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل قادة بارزين في الحرس الثوري.
وأسقطت إسرائيل ومجموعة من شركائها، بما في ذلك فرنسا والأردن وبريطانيا والولايات المتحدة، أكثر من 99 في المئة من المسيّرات والصواريخ الإيرانية.
وقال كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية، إنه حال تعرض بلاده لتهديد نووي من قبل إسرائيل، فستغير طهران عقيدتها فيما يتعلق بإنتاج الأسلحة النووية.
وأفاد خرازي، في كلمة أمام اجتماع الحوار العربي – الإيراني الذي عقد في العاصمة طهران، بأن هناك مشكلة سلاح نووي في المنطقة سببها إسرائيل، مؤكدا أنه “إذا كانت أي دولة تريد تهديد إيران بسلاح نووي، فيمكننا إعادة النظر في عقيدتنا النووية”.
لكن التلويح الإيراني بالعودة إلى الخيار النووي قد يزيد من تركيز تل أبيب على استهداف برنامج إيران النووي من خلال عمليات التخريب والتفجيرات التي تستهدف المنشآت الإيرانية وتصفية العاملين في البرنامج، مثل ما حصل خلال السنوات الماضية من دون أن تقدر طهران على أن تفعل شيئًا سوى إصدار البيانات والتلويح بالرد.
وتنظر إسرائيل إلى احتمال امتلاك إيران سلاحا نوويا باعتباره تهديدًا وجوديًّا لا ينبغي السماح به.
وأظهرت إيران من قبل استعدادًا للرد على الاستفزازات الإسرائيلية والأميركية من خلال تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى وتخزين المزيد منه. وردت على الاغتيال الإسرائيلي المشتبه به لعالم الفيزياء النووية محسن فخري زاده في 2020 باستئناف تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، وعلى هجوم إسرائيلي مشابه استهدف محطة نطنز النووية في 2021 بالتخصيب إلى 60 في المئة.
وفي مارس 2023 شهد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة آنذاك الجنرال مارك ميلي أمام الكونغرس بأن حصول إيران على سلاح نووي سيستغرق عدة أشهر رغم أنه لم يذكر ما يستند إليه هذا التقييم.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها ربع السنوي الصادر في فبراير من هذا العام إن “التصريحات العلنية في إيران بشأن قدراتها التقنية على إنتاج أسلحة نووية تزيد المخاوف من صحة واكتمال الإعلانات المتعلقة بالضمانات الإيرانية”.
وقال دبلوماسيون إن تلك التصريحات شملت مقابلة تلفزيونية مع الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي شبّه فيها إنتاج سلاح نووي بصنع سيارة، وقال إن إيران تعرف كيف تصنع الأجزاء اللازمة.
وأشار مركز ستراتفور إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشفت في أحدث تقرير لها حول وضع البرنامج النووي الإيراني أن لطهران 5525.5 كيلوغرام من إجمالي اليورانيوم المخصب، بما في ذلك حوالي 123.5 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المئة.
ويمنحها هذا مواد انشطارية تكفي لصنع ثلاث قنابل نووية، على الرغم من أنها ستحتاج إلى زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 90 في المئة لتطوير سلاح نووي.
وقال جواد كريمي قدوسي إنه إذا تم تغيير فتوى خامنئي فسيتم إجراء أول تجربة نووية في غضون أسبوع. وفي خطاب ألقاه في 27 أبريل الماضي قال الرئيس إبراهيم رئيسي إنه لا مكان لإنتاج الأسلحة النووية في العقيدة الدفاعية لبلاده، تماشيًا مع فتوى خامنئي.