أن يصرخ عبدالملك الحوثي جراء الإجراءات المالية التي اتخذها البنك المركزي فهذا حقه، فالإجراءات قاصمة اقتصاديًّا وماليًّا ستضعه في حجمه الحقيقي وستحرمه من مليارات الدولارات كانت بمثابة العصب الرئيسي لانقلابه وتداعياتها ستكون أكثر مرارة من صراخهم، مليارات ولا يقدّم أي التزامات مقابلها للمواطن الشمالي من خدمات ورواتب وغيرها بل يسخّرها لتأسيس"شروع المهدي المنتظر" الذي أغرق حاملة الطائرات "إيزنهاور" وسيفتح "واشنطن" !
وليس مكان تناولنا هنا، فموقف الحوثي طبيعي لأنه المعنيّ بالقرار إنما طريقة تناول "نخبهم" التي "هندست" نظام الوحدة بعد 94 وهندست إفقار الجنوب سياسيًّا وماليًّا وتجاريًّا …إلخ الذين شتّتهم الحوثي وأخرجهم من بيوتهم هربًا وادّعوا خلال فترة الحرب أنه عدوهم اللدود لكن صراخهم ملئ الآفاق رفضًا وإدانة لإجراءات البنك وأنها دعمًا وتقوية لمشروع الانفصال عبر تعزيز مؤسسات الدولة في الجنوب وهم كانوا يصطرخون إعلاميًّا بأن عدن عاصمة ثانية وأنها منطلق تحرير صنعاء، وعمليًّا كانوا يدمّرون كل بنية الخدمات في الجنوب ومن كان يقول: إنهم يحاربون الجنوب بالخدمات، ينبري من يدافع عنهم! وهاهم “يتقيؤون” ويكتبون بكل صراحة أن ذلك القرار يعزز المؤسسات في الجنوب.. أين؟.. في الجنوب! أي أنهم كانوا يدمرون أي بنية مؤسسية في الجنوب وهذا يؤكد أن استهداف المؤسسات في الجنوب كان من القضايا المجمع عليها شماليًّا!
قالوا إن قرار البنك إذلال وإفقار للمحافظات الشمالية، وهذا يؤكد أيضًا أنهم كانوا ينفذون سياسة إفقار المحافظات الجنوبية وأنها كانت سياسة ممنهجة منذ حرب 94 فإن كانوا صمموا نظامًا وحدويًّا فلن يتغيّر الحال بقرارات البنك!
صرخ “مودعهم” أن قرار البنك يعني إنشاء "منطقة اقتصادية في الجنوب” ! ..أين!؟ .. في الجنوب، وإنها ستخنق الاقتصاد في الشمال وتجعله معتمدًا على المؤسسات في الجنوب.. ماذا يعني ذلك!؟ يعني أن “الخبرة في الشمال التي تمثّل الشعب اليمني كله!" صمموا بعد حرب 94 نظاما ماليا يخنق الجنوب ويجعله تابعًا لمؤسسات الشمال لا شراكة فيه وأنهم كانوا يمنعون إنشاء منطقة اقتصادية في الجنوب وهم يدّعون أن اليمن واحد والشعب اليمني واحد!
هل البنك المركزي أمام إجراءات ضد "الانقلاب" أم إجراءات شمال/ جنوب. “المودع ومن على شاكلته” يرونها ويؤكدون أنها شمالية/ جنوبية، وهذه الرؤية تؤكد أن ما كان يجري عمليًّا في النظام المالي منذ 94 هي شمال يملك/ جنوب لا يملك، ولكي يسوقون نزعتهم “لإدارة الجنوب بالاستعمار ” أظهر “مودعهم وخبرته” نغمة “إفقار سكان المحافظات الشمالية” وأنه خنق للاقتصاد في الشمال… أين كانوا – وهم الوحدويون – من سياسة إفقار الجنوب وخنق شعبه أليس اليمن واحدًا سواء كان البنك في صنعاء أم في عدن!؟