> عدن «الأيام» تحليل سياسي:
- منع بن مبارك من العودة إلى عدن وترك الانتقالي يواجه أزمة الكهرباء
- "إدارة ذاتية" جديدة لحكم الجنوب بقرار جنوبي من داخل الشرعية
الخبر الذي سربت بعض من تفاصيله مساء أمس الأول الخميس، شكل تغيرًا جذريًّا في سياسة المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه السلطة التنفيذية والحكومة بشكل عام..
وقال محللون سياسيون لـ"الأيام" مساء أمس، إن "الاجتماع بحد ذاته وبهذا الشكل، وبهذا التوقيت، يرسل رسائل إلى جميع الأطراف السياسية داخل اليمن وخارجها بأن المجلس الانتقالي سيقوم بإدارة السلطة التنفيذية بنفسه خاصة وأن معظم الانتقادات أثناء كارثة كهرباء عدن وجهت إلى الانتقالي وسط سكوت من بقية الأطراف السياسية".
وقالت مصادر سعودية لـ"الأيام" الأسبوع الماضي إن رئيس الوزراء اليمني د. أحمد مبارك كان في طريق عودته من إحدى الدول الخليجية إلى عدن عبر جدة في المملكة العربية السعودية عندما تم إبلاغه وهو في المطار بأن يبقى في المملكة ويرسل طاقم رئاسة الوزراء كما هو مخطط إلى عدن.. وهو ما فهم في حينه داخل المجلس الانتقالي على أنه أداة الضغط ضد المجلس وسط أسوأ كارثة انقطاع للكهرباء تعصف بعدن.
وقال أحد المحللين" أثناء كارثة كهرباء عدن قامت بعض الأطراف السياسية بتمويل حملات إعلامية ضد المجلس الانتقالي على الإنترنت بغرض الضغط سياسيًا على المجلس وهذا الأمر نوقش بكثافة خلال الأسبوعين الماضيين داخل المجلس الانتقالي الذي يبدو أنه عازم على إصلاح العديد من الاختلالات التي كان يرفض التدخل فيها سابقًا احترامًا لاتفاقات سياسية".
ومما يؤكد هذا التغير لدى المجلس الانتقالي الجنوبي هو تقليل رئيسه اللواء عيدروس الزبيدي على المشاركة بصفته نائبًا للرئيس في اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي بينما اعتبر سياسيون يمنيون داخل الشرعية ذلك بردة فعل غاضبة من الزبيدي على المماطلة الحكومية بشأن حل قضية الكهرباء في العاصمة عدن، وهو ما بدا موقفًا موجهًا ضد سمعة المجلس والتشكيك فيه بين أنصاره وضرب فكرة قيادته لمشروع الاستقلال.
ويمكن تفسير دعوة الزبيدي للجمعية الوطنية للانتقالي الجنوبي إلى الاجتماع في 30 يونيو في عتق بأنها جاءت على نفس الخط لحسم الموقف إما بإعلان القطيعة أو إمهال الحكومة فترة محددة لتنفيذ تعهداتها.
ولا يمثل إشراف الزبيدي على اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء الخميس خروجًا عن حالة البرود مع مؤسسات الشرعية خاصة أن الجنوبيين يريدون رؤية قرارات فعّالة على الأرض في مواجهة أزمات الكهرباء والعملة والمياه، وليس فقط إشراك الجنوبيين في اجتماعات استعراضية.
لكن أطرافًا سياسية جنوبية رأت في اجتماع يوم الخميس أن المجلس وفي حالة عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية والخدمية في عدن سيقوم بالإدارة الذاتية من داخل الحكومة الشرعية نفسها خصوصًا وأنه جزء كبير من منظومة الشرعية وهو الضامن الأمني الوحيد لبقائها في عدن والجنوب.
وبحسب تسريبات يوم الخميس، فقد كُرس اجتماع مجلس الوزراء يوم أمس الأول الخميس لمناقشة مصفوفة المشكلات المرتبطة بالمعاناة اليومية للمواطنين، وفي مقدمتها مشكلة عجز التوليد في قطاع الكهرباء والحلول العاجلة الممكنة لاستقرار الخدمة خلال المرحلة الحالية، والخطط الاستراتيجية التي يمكن البدء بها لتوفير الطاقة من المصادر البديلة الأقل كلفة، والحد من الاعتماد على المحطات التي تعمل بوقود الديزل الذي يُكلّف خزينة الدولة مبالغ طائلة.
كما وقف الاجتماع أمام مشكلة تدهور العملة المحلية، ومسبباتها الرئيسية المتمثلة في ضعف إيرادات الدولة من النقد الأجنبي بسبب توقف صادرات النفط والغاز جراء استهداف الحوثيين لمرافئ التصدير في حضرموت وشبوة.
كما استعرض الاجتماع خطة العمل العاجلة المقدمة من وزارة النفط والمعادن لتشغيل مصافي عدن وإعادتها إلى الخدمة، للبدء بتكرير النفط الخام لضمان توفير احتياجات السوق المحلية، ومحطات توليد الكهرباء، والحد من الاستنزاف الكبير للعملة الصعبة في استيراد الوقود والمشتقات النفطية من الخارج.
في السياق نفسه أكد الاجتماع دعمه ومساندته للقرارات التي أصدرها البنك المركزي مؤخرًا، وتوجيهات وزير النقل القاضية بسرعة تحويل إيرادات شركة طيران اليمنية إلى حساباتها في بنوك العاصمة عدن، والتي من شأنها أن تسهم بفاعلية في وقف استنزاف النقد الأجنبي في المحافظات المُحررة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وتوقف أهم المصادر التي تعتمد عليها هذه المليشيا في ممارساتها الإرهابية.
وطالب الاجتماع أيضًا بسرعة تفعيل القرار الرئاسي القاضي بنقل الهيئات والمؤسسات الحكومية من صنعاء إلى العاصمة عدن وفي مقدمتها الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة والطرق، وذلك لكون بقاء المراكز القانونية والإدارية والمالية للهيئات والمؤسسات الإيرادية وبعض الصناديق تحت سيطرة الحوثيين، سيمكنها من الاستيلاء على الموارد المالية بالعملة الصعبة لهذه الهيئات والصناديق.
وتطرق الاجتماع إلى مشكلة تأخر صرف المرتبات، ومعالجة أوضاع المسرحين والمبعدين قسرًا والاستحقاقات الوظيفية للخريجين، حيث وجّه الزُبيدي وزير المالية باستكمال إجراءات معالجة أوضاع المبعدين والمسرحين قسرًا وتسوية أوضاعهم الوظيفية وصرف مستحقاتهم وفقا للتوصيات والمعالجات التي أقرتها اللجنة الرئاسية، وكذا توفير التعزيزات المالية الخاصة بـ17 ألف وظيفة، والمعتمدة بموجب أوامر مجلس الوزراء ذات الصلة.
وشدد الزبيدي في ختام الاجتماع على سرعة تحويل مصفوفات الحلول التي جرى استعراضها إلى برامج عمل، وفق آليات مزمنة تضمن تنفيذها بعيدًا عن الإجراءات الروتينية المعقدة التي لا تتناسب مع الوضع الراهن والمعاناة التي يعيشها المواطن.