ازدهرت في الآونة الأخيرة في جنوبنا الحبيب ظاهرة تشكيل الأحلاف والتكتلات القبلية في معظم المناطق والمحافظات الجنوبية وأصبح لكل منطقة ومحافظة حلف قبلي يؤويها ويمثلها ويتكلم باسمها في الخلافات والمنازعات التي تحدث، ولم يبقَ إلا محافظة عدن التي لم يشكل بعد أبنائها حلفهم القبلي على غرار باقي المحافظات والمناطق الجنوبية، وهذا طبعا لن يحدث والسبب في ذلك يرجع إلى طبيعة مدينة عدن وثقافة أبنائها التي تتسم بالمدنية والانفتاح على الآخر وعلى الثقافات والحضارات الأخرى، وذلك بحكم تاريخها الحضاري وثقافتها المتنوعة وموقعها الجغرافي الذي مكنها من التلاقح مع حضارات وثقافات أخرى، وكذا طبيعة أهلها المسالمة والمحبة للنظام والقانون وللعلم والأدب والفن، ونبذهم لثقافة وسياسة الفيد والعنف والسلب والنهب.

تذكرني هذه الأحلاف والتكتلات القبلية بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي سابقا والولايات المتحدة الأمريكية وسياسة الأحلاف التي سادت في تلك الفترة حلف الناتو أو حلف الأطلسي وحلف وارسو وكانت هذه الأحلاف هي إحدى أدوات الصراع وتقاسم النفوذ والسيطرة والمصالح بين الدولتين العظمتين تحت مسميات ومصطلحات أيديولوجية وسياسية مثل الرأسمالية والاشتراكية والإمبريالية والشيوعية.

والسؤال الذي يطرح هنا ما هو الهدف من تشكيل هذه التحالفات أو الأحلاف والتكتلات القبلية عندنا في الجنوب ولمواجهة من يتم تشكيلها؟ ففي الوقت الذي نشاهد فيه الكثير من الدول تنمو وتتقدم وتتطور في اقتصادياتها وفي مؤسسات الحكم وفي أنظمتها المختلفة؛ نتراجع نحن إلى الوراء إلى ما قبل وجود الدولة؛ عندما كانت الناس تحتمي بالقبيلة، وتشكل القبائل الأحلاف القبلية لمواجهة التحديات التي تواجهها والاستقواء بهذه الأحلاف ضد بعضها البعض، فهل أصبحت اليوم هذه الأحلاف والتكتلات القبلية بديلا للدولة التي غابت أو ضعف دورها ولم تعد تستطع القيام بواجباتها تجاه المجتمع وحماية أفراده؟

علينا أن ننظر إلى إخواننا في دول الجوار، في المحيط الإقليمي، كيف كانوا بالأمس وكيف كنا وأين نحن اليوم وأين هم؟ الفرق بيننا وبينهم أصبح كبيرًا وشاسعًا، وبتنا لا نستطيع اللحاق بهم أو حتى قطع نصف المسافة التي قطعوها في التقدم والتطور والبناء والإنشاء والتعمير.

إننا اليوم نقف أمام معضلة كبيرة؛ وهي تخلفنا عن ركب الحضارة والتقدم.. لقد أصبحنا عبارة عن قبائل متناحرة تتدثر بلباس المدنية، لكن بعقول متخلفة لا تمت بأي صلة لهذا العصر للأسف؛ بعد أن كنا منذ زمن قريب مضى نشكل حلفا واحدا وهو شعب الجنوب الحر الذي يناضل فقط من أجل استعادة دولته دولة النظام والقانون.