​بينما تتنافس دول العالم في الأولمبياد الرياضية على الذهب والميداليات، نحن هنا نعيش أولمبياد من نوع آخر بهذا الملعب الاولمبي الذي يدعونه وطن.
الأبطال لدينا ليسوا رياضيين محترفين .. بل أرباب منازل يقاتلون يوميًا في سباق حقيقي للبقاء.. سباق من أجل لقمة العيش.. حيث البرونزية هو الروتي، والميدالية الفضية الرز او الخضرة ، أما الذهبية فهي علبة التونة ..

في ميدان العمل .. يقف الأب شامخًا كعدّاء في خط البداية، يقفز فوق الحواجز من غلاء الأسعار، يواجه الرياح العاتية من انقطاع الرواتب، ومع كل خطوة، يسمع هتافات من عائلته التي تنتظر بفارغ الصبر لحظة الفوز. وفي النهاية، يكمل السباق، يرفع يده متعبًا حاملاً قوت يوم واحد، فتلك هي جائزته. أما الحلم بالذهب، فذلك مؤجل حتى يصل للمباراة النهائية نهاية الشهر.

وفي هذا السباق .. لن تجد جمهور يهتف ولا أضواء تسلط على الإنجازات .. بل هناك صمت من ربة البيت وعيون أطفال تراقب في كل منزل بفارغ الصبر ماذا سيجلب هذا اليوم ..يسألون.
"هل فاز والدنا اليوم؟" ولا يعلمون أن الفوز في هذا الأولمبياد ليس له منصة تتويج، بل هو مجرد صمود في وجه رياح الفساد و الظلم وصراع الظلمة وكلاء الكفلاء.

أما جائزة رب المنزل ؟ فهي ليست أكاليل من الورود والفل .. بل هي لحظات من الراحة القليلة عندما يضع الأب ما جلبه على الطاولة .. ويرى نظرة السعادة بوجه اهل بيته وشعوره بالرضاء بما انجزه ..  قصعة التونة هي كالميدالية الذهبية، وتلك الخضرة المجموع تساوي في قيمتها كأس العالم ..

لكن، ماذا عن الغد؟ الاولمبياد الرياضية تعقد ايام معينة كل اربع سنوات .. نحنا هنا اولمبياتنا مستمرة وبصورة يومية ولانرى لها نهاية الا بفاجعة نلاحظها منتشرة بكثرة بين كثير من الناس ام جلطة او ذبحة صدرية او رصاصة غادرة .. فالقلق والتوتر المتواصل لانهم لايعملون هل سيستمرون في الجري الى مالا نهاية، أم سيأتي يوم يتحررون فيه من هذا السباق المستمر ..؟!

نحن هنا نعيش أولمبياد خاصة بنا، حيث التحديات الحقيقية ليست في الملاعب، بل في الحياة نفسها ..

يالله ..
إنّنا نمر بأيام عصيبة  ..
فـاكتَب لـنا الخّيرَ فيـھا بقدرتك فلا كشف لها الا انت ۆ أسّعِدْ فيھا قّلوبَنا . .
رّبـيْ إنّ لَكْ عّبـادٌا ينَتظّرونَ فرجا قَريباً . . فـبشّرهمْ
ۆ عّبادٌا يَسألـونَكْ شفاءً فـعّافـِهّمْ . .
ۆ عّبادٌا يّرجونَ رحّمَتكَ فـارّحَمهّمْ . .
ۆ عّبادٌا يّرجونَ منْكَ تَحقيق أماني فلا تخْذلهم ..
آَمِـيْـــنَ يَــــارَبُ العالمين ..