> عدن «الأيام» خاص:

  • 50 ألف حالة اشتباه بالملاريا وألف حالة ضنك مؤكدة.. البيشي: لم تصلنا بلاغات
تصريحان متناقضان لكل من مدير عام مكتب الصحة بالعاصمة عدن ومدير الترصد الوبائي أثارا مزيدا من الهلع والخوف لدى سكان العاصمة عدن جراء تفشي الحميات وتسجيل حالات وفاة بعضها مفاجئة، إذ كشف التصريحان حالة من الارتباك المؤسسي وانعدام الجاهزية لمواجهة الوضع الصحي المتفاقم.

ففي بيان رسمي صدر عن مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بعدن د. أحمد مثنى البيشي، نفى فيه بشكل قاطع وجود أي بلاغات بانتشار أوبئة أو حميات خطيرة، مؤكدًا أن التقارير اليومية لغرفة عمليات الترصد حتى تاريخ 18 أبريل 2025 لا تشير إلى تسجيل أمراض مثل الكوليرا أو الحميات النزفية أو الملاريا بشكل يخرج عن المألوف.

وذهب البيشي إلى اعتبار المخاوف الإعلامية والمجتمعية "حالة من الهلع غير المبني على بيانات علمية موثقة"، داعيًا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والتعاون مع المكتب بدلًا من "تأجيج القلق".

لكن على النقيض تمامًا، جاء توضيح رسمي صادر في اليوم ذاته من مدير إدارة الترصد الوبائي في المكتب نفسه د. مجدي سيف الداعري، ليؤكد أن محافظة عدن سجلت منذ بداية العام أكثر من 50 ألف حالة اشتباه بالملاريا، وألف حالة مؤكدة بحمى الضنك، بالإضافة إلى 12 حالة وفاة، منها خمس في مديرية البريقة وحدها، وأشار إلى أن الوضع تفاقم نتيجة أسباب واضحة مثل الكثافة السكانية، وانتشار العشوائيات، وتدهور الخدمات الأساسية، مؤكدًا أن فرق الترصد تواصل حملات التدخل والرصد الميداني بشكل يومي.

هذا التناقض الصارخ بين المسؤولَين، في التوقيت والمضمون، يعكس حالة من الارتباك داخل المؤسسة الصحية في عدن، وغياب التنسيق بين الإدارات المختلفة، الأمر الذي يضاعف من خطورة الوضع الصحي بدلًا من تطمين المواطنين أو احتواء الأزمة، فبينما ينفي المدير العام وجود أي أوبئة، يقدم مدير الترصد بيانات رقمية دقيقة وواضحة حول انتشار واسع لأمراض خطيرة تهدد حياة السكان.

غياب المعلومة وتضارب التصريحات لا يدل فقط على ضعف التنسيق الإداري، بل يكشف أيضًا عن نقص خطير في منظومة الاستجابة للطوارئ الصحية، في وقتٍ تشهد فيه عدن موجة نزوح وتدهورًا مستمرًا في البنية التحتية.

إن اعتماد مكتب الصحة -بحسب ما ورد في بيان البيشي- على "البلاغات الرسمية فقط" يطرح علامات استفهام حول فعالية نظام الرصد، خصوصًا في ظل عزوف كثير من المواطنين عن مراجعة المرافق الصحية، أو عدم قدرتهم على الإبلاغ بسبب ظروفهم المعيشية.

ومع تزايد المخاوف من تحول هذه الحُميّات إلى كارثة صحية وشيكة، تبدو الدعوات الرسمية إلى "وعي المواطن" و "المسؤولية المشتركة" غير كافية، ما لم تترافق مع شفافية، ووضوح في البيانات، وخطة استجابة متكاملة، تبدأ من داخل مكتب الصحة ذاته.