> "الأيام" غرفة الأخبار:
أكد تقرير نشره مركز "سوث 24" للأخبار والدراسات، يوم أمس، أن الحوثيين سيظلون ملتزمين حاليًا بعدم التصعيد مقابل تجميد القرارات البنكية من قبل الحكومة الشرعية بعدن، وإذا قرروا التصعيد، ستكون الحكومة في حل من أي التزام تجاه الجماعة، ويمكنها تحسين موقفها التفاوضي باستئناف القرارات الاقتصادية ضد الحوثيين من جديد، مع الاستجابة للمطالب الحضرمية التي تزداد قوة يومًا بعد يوم، وتمكين أبناء حضرموت من حقوقهم والاستفادة من عائدات ثرواتهم التي تشكل ما نسبته 70 % من الدخل القومي للبلاد.
وأوضح التقرير الذي أعدته "الباحثة فريدة أحمد" أن اتفاق الحكومة المعترف بها دوليًّا والحوثيين لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية. جاء بعد أسابيع قليلة من إصدار الحكومة المعترف بها قرارات عقابية فرضها البنك المركزي على البنوك التجارية المخالفة لقرار نقل مقراتها الرئيسية من مدينة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى العاصمة عدن. ورغم أن القرار الحكومي لاقى تأييدًا واسعًا، إلا أنه سرعان ما تم تجميده بإعلان مفاجئ من مكتب جروندبرج. يُذكر أن المبعوث الأممي كان قد طلب سابقًا من الحكومة المعترف بها والبنك المركزي تأجيل القرارات العقابية حتى نهاية أغسطس، لتفادي تكريس ضغوط إضافية على الاقتصاد اليمني. غير أن هذا التجميد المفاجئ، سلط الضوء على حجم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها الحكومة المعترف بها من قبل المبعوث الأممي وقبل ذلك من قبل المملكة العربية السعودية، تحت مبرر تجنب تصعيد حوثي عسكري ضد أراضيها.
وبين أن الأسابيع التي سبقت إعلان التراجع عن القرارات تجاذبات شديدة داخل الحكومة المعترف بها، نتيجة للضغوط الإقليمية والدولية التي دعت إلى عدم تضييق الخناق على الحوثيين في الوقت الحالي، وفقًا لمصادر مسؤولة تحدثت سابقًا لمركز سوث24.
وأكد أنه كان بالإمكان تقليص نفوذ الحوثيين الاقتصادي تدريجيًّا عبر هذه الإجراءات الحكومية الحازمة، إلى جانب الضغوط العسكرية المتزايدة نتيجة خسائرهم المتوقعة، خاصة بعد الرد الإسرائيلي العنيف على ميناء الحديدة الذي تعتمد عليه الجماعة بشكل كبير في توفير مصادر دخلها. كان لهذا الأمر أن يؤثر بشكل كبير على قدرتهم على الصمود. هذا الواقع، مقرونًا بعجز الأمم المتحدة والتنازلات التي تقدمها السعودية في مواجهة المطالب الحوثية المتزايدة، ساهم في تمادي الجماعة في انتهاكاتها يومًا بعد يوم.
وقال أنّ اعتراف السعودية الضمني بالحوثيين كمحاورين قد شجعهم على المطالبة بمزيد من التنازلات، بل وامتد الأمر إلى تهديد الأهداف الاستراتيجية السعودية.
وبالنسبة للموقف الجنوبي، أوضح التقرير أنه على الرغم من تحذيرات المجلس الانتقالي الجنوبي من التداعيات الوخيمة لتعليق القرارات البنكية على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، إلا أنه وجد نفسه مضطرًا، تحت ضغوط أممية وسعودية، للتراجع عن موقفه، كما حدث مع باقي مكونات الحكومة المعترف بها، مشيرًا إلى أن هذه الاستجابة المتكررة للضغوط تهدد بتقويض مكانة المجلس الشعبية، وتثير المخاوف بشأن استمرار نهج التنازلات في المستقبل، بما في ذلك مسألة الإطار الخاص لقضية الجنوب والتمسك بإدراجها على طاولة المفاوضات في المراحل الأولى من أي عملية سياسية.
وأكد التقرير أن مسألة استئناف تصدير النفط تبدو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، سواء بالنسبة للحكومة المعترف بها أو للحوثيين، خصوصًا بعد توقف ميناء الحديدة عن العمل جراء الضربات الإسرائيلية الأخيرة، منوها بأن هذا الوضع يشكّل تحديًا كبيرًا أمام الحكومة في الفترة المقبلة، سواء في مواجهة القبائل الحضرمية الرافضة لاستئناف تصدير النفط قبل منح حضرموت حقوقها أو في مسألة الاستجابة للضغوط السعودية من أجل تسيير عجلة الاقتصاد الحوثي، خاصة إذا اضطر الحوثيون إلى طلب إمدادات نفطية لمنع أزمة وقود خانقة في مناطق سيطرتهم. كان من الممكن للحكومة المعترف بها الاستفادة من مأزق الحوثيين بمناورة سياسية واقتصادية، إلا أنّها فشلت في أول اختبار لها.
وعن المشهد الإقليمي، أوضح التقرير بأنه لا يمكن فصل الملف اليمني عن المحركات الرئيسية للمشهد الإقليمي المتصاعد، فالتحالف الحوثي مع ما يُعرف بمحور المقاومة بقيادة طهران يجعله مستعدًا في أي لحظة للتصعيد. إذ إن التهديد الإيراني بالانتقام من إسرائيل يرفع من درجة المخاطرة بعد الاغتيالات الأخيرة في لبنان وإيران أواخر يوليو الماضي. قد تؤدي هذه التطورات إلى تأجيل أي نقاش يمني بشأن القضايا السياسية أو الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، لحين اتضاح الرؤية الإقليمية تجاه المخاوف العسكرية والأمنية المرتقبة على المنطقة. يبدو أن الولايات المتحدة بعيدة عن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة بعد 10 أشهر من الحرب، وفقًا لتصريحات وزير خارجيتها، فهي "تستعد لكل الاحتمالات". في حين لا يوجد جهد إقليمي ودولي لدعم الفلسطينيين، مما يعقّد المشهد أكثر.
ولفت إلى أن هذه الإشارات دفعت واشنطن لإعادة استئناف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية بعد حظر دام أكثر من ثلاث سنوات. يظهر هذا التحرك كاختبار أمريكي لحدود التحرك السعودي العسكري في الملف اليمني مع الحوثيين، خاصة في ظل تواصل ضغوط سعودية لتخفيف الحظر من أجل حماية الحدود الجنوبية للمملكة في حال حدوث تصعيد محتمل من قبل الجماعة، خصوصًا وأن الجماعة أعلنت مؤخرا اعتزامها تشكيل حكومة أمر واقع وجديدة في صنعاء. ورغم مساعي الرياض ومسقط للدفع بخارطة طريق للتهدئة في الملف اليمني، إلا أنه من المهم ربط الأمر بتقديرات التطورات الراهنة، وما يمكن أن تؤدي إليه المواجهة المرتقبة بين إسرائيل وإيران وارتداداتها على اليمن.