إن شعب الجنوب وعلى قاعدة فك الارتباط لا ريب أن يتمسك باستعادة الدولة التي تم الدخول بها عام 1990م وحدة شراكة وتراضٍ طوعية سلمية بين دولتين وكيانين والتي اعتبرها الطرف الشمالي مجرد خديعة واستدراج وضم وإلحاق، وما لبث أن انقلب عليها وعلى الشريك والشراكة بالحرب والاحتلال عام 1994م، وتدمير ونهب الدولة الجنوبية بكل مؤسساتها ومقدراتها ومقوماتها وبُناها التحتية، وأطلق جحافله للسلب والفيد حيث نهبوا كل ما وصلت إليه أياديهم العابثة وفي أسوأ احتلال همجي غاشم عرفه التاريخ، وتحت شعار(الوحدة أو الموت).

لقد اختار شعب الجنوب المكافح أبداً عن قيم الحرية والسيادة والاستقلال الموت على وحدتهم، وقدم خيرة رجاله وشبابه على مذابح الحرية والاستشهاد منذ إعلان تلك الوحدة (الخطيئة) وصولاً إلى مقاومة الحرب والاحتلال وما تلاها ومقاومة حرب الاحتلال الثانية عام 2015م وطَرَد جحافلها ومعها بقايا جحافل حرب عام 94م من أرض الجنوب وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي وتفويضه حاملاً سياسياً لقضية شعب الجنوب وممثله لاستعادة دولته، وإذ هي جملة تلك الحقائق مدعومة بحقائق التاريخ والجغرافيا أساس مشروعية استعادتها كاملة الحرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل 22 مايو 1990م، فإنها أيضاً أساس موقف شعب الجنوب بقيادة مجلسه الانتقالي في مواجهة نهج الانتقاص الذي تكشَّفت ملامحه وتحت أكثر من عنوان، فمن محاولة انتقاص القضية الجنوبية وتهميشها واعتبارها مجرد قضية خلافية يتم حلَّها ضمن بقية القضايا الخلافية - الحقوقية - الأخرى إلى محاولة الإبقاء عليها رهينة حل قضية الحكم في صنعاء طالما كانت الأطراف الشمالية ترى فيه حلاً للقضية الجنوبية وكما لو كانت الوحدة كما تتوهم -أضغاث أحلام- قائمة ولم تكن قد قُتَلَتْ بحرب عام 94م وتم دفنها بحرب عام 2015م ناهيكم عن أن هناك قوى مُتَعدَّدة تلتقي مصالحها وكلاً بحساباته عند الحيلولة دون استعادة شعب الجنوب لدولته وإبقاءه في وضع اللادولة طمعاً بمساحة الجنوب وأهمية موقعه الجيوسياسي وثرواته المتنوعة، وهو ما بات واضحاً ليس من خلال ما سلف استعراضه وحسب ولكن من خلال أجندة تسوية ومفاوضات واتفاقات دون مشاركة المجلس الانتقالي وفي محاولة لاستبعاده أو تهميشه في أحسن الأحوال طالما كان يتمسك بنضالات وتضحيات شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته ويرفض التوقيع على ما دون ذلك.

إن من أهم مقومات الصمود والثبات وفي هذه المرحلة التاريخية الحاسمة هو التفاف شعب الجنوب بكل شرائحه وأطيافه وقواه السياسية والمدنية حول المجلس الانتقالي وبما يُمكِّنْه من مواجهة نهج الانتقاص وإزالة الشوائب العالقة بتجربته وفي كل مجالات الإداء وحيث وُجِدَتْ وفي إطار إصلاح السياسات وتصويب المسار، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.