كثر هذه الأسابيع الحديث عن ضرورة خصخصة مؤسسات خدمية إيرادية وذلك لانتشال وضعها عن طريق القطاع الخاص نتيجة لانتشار الفساد في تلك المؤسسات.

هذه الأعذار هي سبب غير كاف للخصخصة، والفساد الحكومي مشرع له منذ حكم عفاش وبطريقة قانونية للأسف، وذلك من خلال إصدار التشريعات التي تحمي كبار المسؤولين.

ومسألة مكافحة الفساد بحاجة إلى تشريعات جديدة أو قرارات رئاسية تلغي ما سبق من حماية، لسنا ضد الخصخصة، ولكن ليس في ظروف غير مستقرة سياسيا وبلد يخضع لوصاية دولية.

إن الخصخصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية هي قرار تأميم ممتلكات عامة لصالح مجموعة قد يكون أغلبها اكتسب الأموال عن طريق الفساد.

تطبيع الأوضاع وعودة الاستقرار السياسي والاقتصادي بعد انتهاء الحرب وحل الأزمة بشكل نهائي، وقيام حكومات منتخبة ومرور 3 سنوات على الأقل لاستعادة عافية المجتمع وعودة الطبقة الوسطى. هو الوقت المناسب لطرح مثل هكذا قرارات مصيرية وحتى يكون الشعب مساهما من خلال الاكتتاب في تلك الخصخصة للمؤسسات والقطاعات المهمة جدًّا .( ومنها على سبيل المثال / الكهرباء / المصافي / مصانع الإسمنت /الاتصالات / مصانع تعليب الأسماك / شركات الاصطياد ....إلخ).

ولقد سبق لي أن تطرقت لهذا الموضوع وخاصة في مقالات عن مؤسسة الكهرباء ونشرتها بصحيفة "الأيام" وهي أكثر من 3 مقالات تقريبًا. وطالبت حينها بأن تكون في الظروف السياسية المناسبة وبالنسب التالية:

- المستثمرين الكبار بنسبة 55 %

- هيئة التأمينات والمعاشات بنسبة 15 %

- المواطنون بنسبة 20 %

- الحكومة بنسبة 10 %

لذلك نرى أن حديث الحكومة أو بعض المؤيدين وإن كانوا من ذوي التخصصات الاقتصادية هو حديث مردود عليهم إذا لم يتفهموا وضع البلد حاليًا ووضع الشعب؛ وأن يتحلوا بالحكمة وتطبيق العدالة الاجتماعية لأن الشعب في الجنوب بالذات يكاد يكون بنسبة 99.99 % لا يملك أسهما مثلما يملك الشعب في الشمال.

ويكفي ما حصل لشعب الجنوب والذي خسر ما كان له من ممتلكات عامة ومن صناديق بكل ما فيها من مبالغ هائلة بعد الوحدة مباشرة .(مثلا التعاونيات الاستهلاكية؛ وصندوق الجندي حيث قضينا خمس سنوات ندفع من 5 دنانير من كل ضابط و3 دنانير من كل جندي وصف ضابط)، وكان عددنا في القوات المسلحة الجنوبية قبل الوحدة لا يقل عن 100 ألف عسكري.

إن ما يروج له بوسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها حول ضرورة الخصخصة وفي هذا الوقت، هو حق يراد به باطل.

خلاصة الأمر الشعب والنخب المثقفة لا ترفض الخصخصة وتراها ضرورة لابد منها ولكن اعتراضنا هو على التوقيت والطريقة وعدم توخي العدالة الاجتماعية فقط.