مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تلعب دورًا محوريًا في الشأن اليمني، حيث تتداخل مصالحها السياسية والاقتصادية مع الوضع في اليمن بشكل كبير، ويمكن القول إن السعودية لا ترغب في وحدة يمنية كاملة ولا في انفصال تام بين الشمال والجنوب، حيث إن كلا الخيارين لا يخدمان مصالحها الاستراتيجية.
الوحدة بين الشمال والجنوب ليست في صالح السعودية، حيث إن توحيد اليمن قد يؤدي إلى تشكيل قوة إقليمية جديدة قد تنافس نفوذها في المنطقة. من جهة أخرى الانفصال ليس في صالحها أيضًا، حيث إن استقلال الجنوب قد يؤدي إلى استقرار اقتصادي وسياسي في هذه المنطقة، مما يشكل تحديًا للسعودية نظرًا للموقع الجغرافي الاستراتيجي للجنوب والثروات الطبيعية التي يمتلكها.
وعلى مسار موازٍ، فإن هزيمة الحوثي ليست هدفًا يخدم السعودية بشكل مباشر، حيث إن هزيمتهم قد تؤدي إلى تعزيز قوة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، مما قد يحد من نفوذ السعودية في البلاد، وفي المقابل فإن انتصار الحوثي يشكل تهديدًا مباشرًا للسعودية، حيث إن الحوثيين مدعومون من إيران، العدو الإقليمي للسعودية.
تاريخيًا، كانت السعودية على عداء مع الجنوب على نحو خاص، حيث إن الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم الجنوب في فترة معينة كان يمتلك قدرات عسكرية كبيرة وجيشًا مدربًا، مما أثار قلق السعودية، حيث يخبرنا التاريخ بأن السعودية كانت تحارب وجود الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب، الذي استطاع أن يثبت قوته في الفترة التي كانت فيها القضايا الاشتراكية تثير قلق الحكام السعوديين ونجح في لعب دور كبير في توازن القوى في المنطقة.
على الجانب الاقتصادي، فإن استقلال الجنوب واستقراره يشكل تحديًا كبيرًا للسعودية، نظرًا للثروات الطبيعية والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يتمتع به الجنوب.
لذلك، يمكن القول إن السعودية تسعى للحفاظ على الوضع الحالي في اليمن، حيث لا وحدة ولا انفصال، ولا حرب ولا سلام. هذا الوضع يتيح للسعودية الحفاظ على نفوذها في اليمن دون أن تشكل أي من الأطراف تهديدًا مباشرًا لها، وأنها تمارس ضغوطًا على الإمارات العربية المتحدة لتبقى بعيدة عن الجنوب، ولكن استقلال الجنوب سوف يتحقق بإرادة قياداته وأبناءه وتضحيات شعبه.
