> "الأيام" «القدس العربي»:

​في معركة «طوفان الأقصى» التي اشتعل فتيلها في السابع من أكتوبر 2023، أعلن اليمن موقفًا مؤيدًا للفعل المقاوم، وداعمًا للمعركة المباشرة مع العدو. ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وارتفاع مؤشرات النزيف الفلسطيني، لم يكن أمام اليمن من خلال «أنصار الله» (الحوثيون) إلا أن يكون ضمن المعركة من خلال جبهة إسناد.

مرت جبهة إسناد اليمن لغزة، حتى الآن، بخمس مراحل تصعيد، بدأت الأولى باستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، منذ 19 نوفمبر 2023.

وفي المرحلة الثانية من التصعيد، دخلت السفن الأمريكية والبريطانية ضمن بنك الأهداف عقب قيام الجيش الأمريكي والبريطاني بشن ضربات صاروخية وغارات جوية على أهداف في اليمن منذ 12 يناير.

وفي مارس الماضي، أعلنت «أنصار الله» بدء المرحلة الثالثة من التصعيد من خلال استهداف سفن العدو في المحيط الهندي. وفي مايو، تم الإعلان عن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد من خلال توسيع منطقة عملية الاستهداف لتشمل البحر الأبيض المتوسط واستهداف السفن التي سبق لشركاتها الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة.

وفي يوليو، دشن الحوثيون المرحلة الخامسة من التصعيد باستهداف مدينة «يافا» تل أبيب بطائرة مسيرة في 19 يونيو، ومن ثم بصاروخ فرط صوتي اخترق كافة منظومات الدفاع الإسرائيلية في 15 سبتمبر؛ وهو ما شكل منعطفًا مهمًا في دور جبهة إسناد اليمن لغزة وفلسطين.

في هذه المقابلة، تناقش «القدس العربي» مع عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله» علي القحوم، ما يتعلق بهذه الجبهة.
  • تحول كبير واستراتيجي
□ في تقديرك، كيف تنظرون لما قامت به جبهة اليمن في إسناد غزة بعد أكثر من عشرة أشهر من عملياتها؟
■ ما قام به اليمن في إسناد ونصرة فلسطين وغزة وشعبها المظلوم ومجاهديها الأبطال من عمليات كبرى واستراتيجية في استهداف إسرائيل ومنع السفن المرتبطة بها في البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي والبحر المتوسط هي عمليات مشهودة ومعلنة وفاعلة ومؤثرة، وفي مراحل متعددة، وها نحن في المرحلة الخامسة التي تم خلالها استهداف «يافا» في العمق الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بطائرة مسيرة متطورة وحديثة ووصلت إلى هدفها بدقة، ومنذئذ أصبحت يافا (تل أبيب) منطقة غير آمنة، من خلال ما تلاها من عمليات عسكرية، ومنها العملية التي تزامنت مع ذكرى يوم المولد النبوي الشريف، التي كانت بصاروخ باليستي فرط صوتي متطور، وبصناعة يمنية، ووصل إلى هدفه في يافا، وباعترافات العدو الإسرائيلي، والذي تخطى كل أنظمة الدفاعات الجوية؛ وهي عمليه ذات فعل قوي ومؤثر هز وزلزل كيان إسرائيل.

ننظر لهذه العمليات المستمرة من خلال أهميتها في معادلات الردع الاستراتيجي باعتبارها ذات فعل وتأثير، إذ مثلت تحولًا كبيرًا واستراتيجيًا في معركة طوفان الأقصى وكابوسًا مزعجًا ورادعًا للصهاينة، وباتت مرتكزًا أساسياً في صناعة الانتصار لفلسطين وغزة وزوال إسرائيل بإذن الله.

معادلة متلازمة

□ إلى أي مدى أنتم مستعدون للاستمرار في الإسناد لغزة؟
■ العمليات اليمنية مستمرة حتى وقف العدوان على غزة وفلسطين ورفع الحصار عنها؛ وهي معادلة متلازمة لا توقف عنها مهما كان ومهما يكن، ففلسطين والقدس قضيتنا الأولى والمركزية، وهي البوصلة، وهي قضية عربية

إسلامية يمنية لا يمكن أن نفرط فيها أو نتخلى عنها اطلاقاً. ونقول للفلسطينيين والمجاهدين في غزة إننا معكم حتى الانتصار، ونقول لهم أيضاً لستم وحدكم، فمعكم اليمن الدولة والقائد والشعب والإجماع الوطني والقوات المسلحة اليمنية، ولن ندخر أي جهد في مساندة ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم ومجاهديه الأبطال، حتى الانتصار وزوال إسرائيل بإذن الله.

الردع الاستراتيجي

□ كيف تقيمون عمليات استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها أو التي اخترقت شركاتها قرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة والسفن الأمريكية والبريطانية… أقصد، هل ترون أنها حققت نتائجها في حصار كيان العدو؟

■التقييم لعمليات استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها هو أنها مؤثرة جدًا، ولها فعلها وتأثيرها في إحكام الحصار على الكيان الصهيوني رغم الحماية الأمريكية والبريطانية، التي يمكن القول إنها فشلت فشلاً ذريعًا، وأظهرت قوة اليمن الكبير الدولة والقائد والشعب، والإجماع الوطني، والقوات المسلحة والقدرات العسكرية المتطورة والصناعات العسكرية، التي ابتكرت وصنّعت أسلحة متطورة تفوق تقنيات الأمريكي والبريطاني، حتى باتوا يتحدثون عما يحصل في البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي والمتوسط، بأنها معركة بحرية صعبة لم يحصل لهم مثلها في التاريخ، وأن الأسلحة المستخدمة متطورة وذات فعل قوي ومؤثر واستراتيجي في خلق معادلة الرد والردع الاستراتيجي، وباتت القوات البحرية اليمنية متطورة في شتى مجالاتها وأسلحتها وتقنياتها المتطورة، كما هو الحال في بقية القوات المسلحة اليمنية الجوية والبرية والبحرية والصناعات الحربية اليمنية.

القادم أعظم

□ كذلك الحال، كيف تنظرون لعمليات الاستهداف المباشر للكيان الإسرائيلي؟
■العمليات العسكرية اليمنية في عمق الكيان الصهيوني فاعلة ومؤثرة وقوية ومزلزلة، والإسرائيلي يتحدث عنها، وتتعالى أصوات العويل والبكاء والتباكي في العلن، وظهر عليهم القلق والهلع والفزع والخوف والرعب، ونقول لهم ستقلقون أكثر، والقادم أعظم ما دام عدوانكم وحصاركم مستمرين على غزة، ولا مناص لكم إلا ايقافه لتتوقف معه كل عمليات الإسناد والمناصرة.

□ هل كنتم تتوقعون أن العدو الإسرائيلي سيشن عدوانًا على اليمن؟ وماذا عن الرد وما بعد الرد؟
■ عمليات اليمن المساندة لغزة فلسطين مستمرة، وهي واجب ديني وإنساني وأخلاقي وعربي وإسلامي، ونحن معهم حتى الانتصار.

ومادام العدوان والحصار الصهيوني مستمراً فعملياتنا مستمرة ولن تتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار على غزة، ولهذا نحن في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، وهو شرف وفخر واعتزاز لأن نكون مع فلسطين شعبًا ومقاومة وأرضًا ومقدسات، ففلسطين عربية إسلامية وهي أرض فلسطينية، وستظل كذلك مهما كان هناك بيع للقضية الفلسطينية في المزاد العلني وهرولة للأنظمة العربية في التطبيع وقطار التطبيع. وهذا مخز لهم، وهي مواقف خاصة لهذه الأنظمة العميلة واللا عربية، وهي مواقفهم هم، وهي منفصلة عن مواقف شعوبهم؛ فالشعوب العربية والإسلامية مع فلسطين وقضيتها العادلة، وهنا نقول نحن في معركة. والعدوان الإسرائيلي على اليمن الذي استهدف المقدرات اليمنية وانتهك السيادة اليمنية دليل على أثر وفعالية العمليات اليمنية، وهو عدوان يوضح مدى التخبط والفشل الإسرائيلي في غزة. وفي بقية جبهات الإسناد، كما سبق، فشل العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن أرضًا وإنساناً في محاولات فاشلة لثني اليمن الكبير عن موقفه في إسناد ومناصرة فلسطين وغزة ومجاهديها الأبطال، وهذا الذي لم يحصل إطلاقاً. والعدوان الإسرائيلي يأتي في هذا الإطار، في الوقت الذي فقدت إسرائيل استراتيجية الردع وباتت في حالة تشظ وتلاش وانهيار واندحار، كما هو حال القطبية الغربية الواحدة، التي تلاشت وتصدعت قوتها وتقلص نفوذها العالمي، لاسيما مع التغييرات الدولية والتغيير في المناخ الدولي والتحالفات الدولية بين دول الشرق مقابل مواجهة الغرب وقطبيتها الآفلة والمنتهية حتمًا، وبات العالم في تحول استراتيجي وظهور أقطاب متعددة، وبات عالماً متعدد الأقطاب.

وفي خضم الصراع الغربي في أوكرانيا وإغراق روسيا في المستنقع واستنزافها في حرب طويلة المدى، والتهديدات والصراع المحموم بين أمريكا والصين، ومع التهديدات والمخاطر الأمريكية على دول البريكس ودول الشرق وعلى إيران ودول رافضة للهيمنة الأمريكية الغربية، وهذه كلها معطيات تؤكد وتثبت المتغيرات الدولية والإقليمية، التي ظهر فيها اليمن لاعبًا استراتيجيًا، وله دور كبير في كسر الغطرسة والهيمنة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والغربية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وأعالي البحار، وقلص النفوذ الغربي والهيمنة الأمريكية. ولهذا، اليمن في مرحلته الخامسة في نصرة ومساندة فلسطين، وهي عمليات مستمرة. والرد على العدوان الإسرائيلي على الحديدة قادم لا محالة، وسيكون مزلزلًا حتماً وفوق الخيال والتوقعات، وعلى الصهاينة الإدراك أن اليمن سيرد وبقوة وسيؤدبهم ويقطع اليد التي تمتد عليه، وله من القوة والقدرات والإمكانات ما يمكنه من ذلك، والقادم أعظم والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.