نزل إليها القريب والبعيد وهي عدن المضيفة على مر الدهور حتى أن موسيقى هذا البيت للفيروزي:

أتيتكم من مقطِ التراب

ومنبت الوَرْس والكَنْدَر

فيها رائحة المدينة وهي منسجمة مع خلجات الروح التي تنبض بعدن، و "مقط التراب" من أسماء عدن القديمة، كما ذكر الهمداني في الإكليل.

إنّ وقفة على الشاطئ تنسيك هَم الوضع البائس، حتى أن "الحكومة" استروحت المكان، واستأنست بدفئه، لكن ماذا يجري في العواصم الحليفة، وبنك الشرعية يشكو الجفاف، والدولار ماسك سوطه يضرب في ظهر المواطن.

ألا ترون ما نحن فيه؟ هل من منقذ يا قوم؟

اخبرونا ماذا في الكواليس؟

في 14 أكتوبر نريد أن نفهم من خطاب الرئيس ماذا يدور في الساحة، ولِمَ كل هذا الانتظار؟ وإلّا فلا كان خطاب ولا نريد أن نسمعه.

بخلوا بمصارحة الشعب ويريدون أن يحكمونه، يمضون هائمين على وجوههم ويريدون أن ينتصروا كأن لسان حال الشرعية كما قال إيليا أبو ماضٍ:

جئتُ لا أعلمُ مِنْ أينَ ولكنِّي أتيتُ

ولقد أبصرتُ قُدّامي طريقاً فمشيتُ

صبر الناس طويلاً، لكنهُ صَبْر الكِرام، نعلم أن الحرب أدخلت البلد في أزمات متعددة، لكن ما مبرر صمت الشرعية عن المصارحة والمكاشفة؟

لو يا عدن فُزْتِ بحكومة رشيدة، لكنتِ اليوم قِبْلَة العالمين حتى في زمن الحرب.

ستأتي ذكرى 14 أكتوبر يا عدن وسيتذكر أبناء الجنوب الذين عاصروا زمن الدولة الفتية أسواق "اللحم والسمك والخضار" المنتشرة في كل مكان.

كانت السلعة رخيصة والناس في بحبوحة من رَغَد العيش، يوم "لا ضبّة ولا نشيمة ولا بلحاف"، إنما دولة عادلة وشرعية مهابة.

ستأتي ذكرى الثورة وفي تاريخ البلد الحديث أن مليشيا أسقطت دولة، وصادرت جمهورية، واختطفت عاصمة قيل إنها تاريخية.

بينما يظل أكتوبر المجيد ذكرى الجنوب المحرر من الاستعمار البغيض والإمامة الكهنوتية.

لو يا عدن رَبَت الحاكم على كتفك وقبَّل ترابكِ وأنتِ "مقط التراب"، وأعطاكِ من الوفاء بقدر ما أعطيتِ من الحنان والدفء، ما كان حرب الخدمات، ولُهاث الطامعين، حتى أحالوكِ مخزناً لأغراضهم، ومستودعاً لمصالحهم.

نريد خطاب 14 أكتوبر بأفكار الثمانية الكبار، لا بفِكر المستشار ولا السكرتير الصحفي، حين نسمعه نقول هذا خطاب مجلس القيادة، خطاب الشعب، وإن سُمّيَ خطاب الرئيس أقلّ شيء نريد أن نشهد وحدة الخطاب الذي يُصارح ويكاشف ويضع حلولاً للأزمات.

لو يا عدن نُحظى هذه المرّة بخطاب يقول الحقيقة ويطمئن الشعب الآن وليس غداً، يا مجلس الحكم قُلْ كلمتك بدون تردد:

إذا كنتَ ذا رأيٍ فكنْ ذا عزيمةٍ

فإنَّ فساد الرأي أنْ تترددا.