> «الأيام» غرفة الأخبار:
- نقابة الصرافين: الجهات الرسمية تتجاهل المضاربين الحقيقين بالعملة
- خبراء: الإجراءات الحكومية مجرد مسكنات لن توقف الانهيار الاقتصادي
> في محاولة لوقف التدهور القياسي للريال اليمني، كثفت الحكومة خلال الأيام الماضية حملاتها الرقابية على شركات ومحلات الصرافة، وتم إغلاق العشرات منها عقب اتهامها بالمضاربة بسعر الصرف.
وجاءت هذه الإجراءات بناء على توجيهات من رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك وقضت "بتكثيف تنفيذ حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحررة، بالتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة".
وفي المقابل، قالت نقابة الصرافين الجنوبيين في عدن إن توجيهات "المركزي" للنيابة العامة أدت إلى نزول قوات لإغلاق محلات الصرافة المرخصة بشكل عشوائي، من دون إخطار مسبق، بمشاركة بعض من وصفتهم بـ"الفاسدين من موظفي البنك المركزي".
وأضافت النقابة في بيان أصدرته، أن الإجراءات الحكومية "تمت بطريقة عشوائية وترافقت مع حملات تشويه إعلامية للمستثمرين، واستعراضات غير لائقة، وسط تجاهل الجهات المعنية لمعالجة الفساد الأساسي والمضاربات التي تسببت بانهيار قيمة الريال".
وتأتي هذه التطورات مع استمرار تراجع الريال لمستوى تاريخي، إذ بلغ سعر الدولار الواحد أكثر من 2050 ريالا، بعد أن كان سعره 215 ريالا أثناء الحرب مطلع العام 2015.
وأدى التدهور الكبير في العملة لارتفاع غير مسبوق بالأسعار، واحتجاجات شعبية في عدد من المدن، وسط أزمة حادة غير مسبوقة تعاني منها الحكومة جراء توقف تصدير النفط منذ عامين بسبب تداعيات الحرب مع جماعة الحوثي.
وفي تعليقه حول الحملات على محلات الصرافة للتعامل مع واقع العملة، يقول د. صادق أبو طالب أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة تعز، إن "مشكلة تدهور الريال أصبحت صعبة مع الانقسام المصرفي (بين الحكومة والحوثيين)".
وأضاف في تعليق لـ "الجزيرة نت" أنه في ظل هذه الأوضاع أصبحت الصرافات والبنوك تعمل على استقبال العملات الصعبة والمتاجرة بها ومنع إقراضها، مع استبدال التجار الريال بالعملات الصعبة والاحتفاظ بها في بيوتهم.
وشدد أبو طالب على أن "المركزي" لن يتمكن من وقف انهيار العملة المحلية ما لم يمارس سياساته النقدية والرقابية على الجهاز المصرفي.
ويرى أن "التعامل مع تدهور العملة المحلية يتطلب تشديد الرقابة على محلات الصرافة التي لديها ارتباط بفروع صنعاء، ومنع تدوير سيولة الأموال بالعملات الصعبة أو إخراجها من مناطق الحكومة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، مع ضرورة فرض شروط على المحلات المرخصة بربط شبكاتها مع "المركزي" بعدن الذي يفترض أن يعمل على مراقبة السيولة النقدية".
وسعر الريال منقسم منذ سنوات، إذ يتم صرف الدولار حاليا في مناطق سيطرة الحوثيين بنحو 530 ريالا (طبعة قديمة) مقارنة بقرابة 2050 ريالا (طبعة جديدة) في مناطق نفوذ الحكومة.
وتعليقًا على الحملات الحكومية الحالية، يقول مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إن إغلاق شركات الصرافة المخالفة والتي ثبت أنها تمارس المضاربة بسعر الدولار أمر مهم في ظل الانهيار المتسارع للريال.
وفي تعليق لـ "الجزيرة نت"، يقترح نصر وضع العديد من القيود والإجراءات العقابية على المضاربين بالعملة الوطنية، وأن يتم استهداف كل من يمارس المضاربة بالعملة وليس فقط مجموعة محدودة من الشركات.
وأوصى الخبير الاقتصادي بضرورة أن "يصاحب عمليات تشديد الرقابة على شركات الصرافة منظومة متكاملة من الإجراءات المتعلقة بمعرفة حجم الكتلة النقدية بالسوق، وتلبية الاحتياجات الضرورية للعملة الأجنبية، وكذلك تنفيذ إصلاحات مالية ونقدية مهمة".
ويرى الخبير المصرفي عبد السلام الشجاع أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة في إغلاق محلات الصرافة تعد عملية جزئية، ولابد أن تكون ثمة منظومة اقتصادية وإستراتيجية تطبق على الواقع.
وشدد الشجاع على ضرورة اتخاذ إجراءات ضبط ورقابة على محلات الصرافة بشكل أقوى وفعّال بما يحقق استقرارا لسعر العملة المحلية.
وأشار إلى أن الاقتصاد اليمني تعوّد على المسكنات سواء كانت عاجلة أو دورية متمثلة باجتماعات اللجنة الاقتصادية و"المركزي" ومحاولة التفاهم مع المؤسسات المصرفية العالمية للحد من تدهور سعر العملة لكنه يعود للانهيار بقوة أكبر.
وحول خيارات الحكومة للتعامل مع الوضع الحالي، يعتقد الشجاع أن رفد الميزانية بإيرادات مستقرة هو العلاج الوحيد الذي يمكن أن يخفف من حدة تقلبات سعر صرف العملة ويعود بموجبه إلى سعر عادل.