تعد مسألة "هجرة الموارد" عن الجنوب إحدى القضايا الملحة التي تؤثر بشكل مباشر على تطور وتنمية المجتمع المحلي في عدن ومناطق الجنوب، ورغم ما تتمتع به عدن من موقع استراتيجي وموارد طبيعية وصناعية واعدة مثل الميناء والأرصفة الآمنة ومصفاة النفط، لا تزال هذه الموارد مهملة ولا تُستغل بالشكل الذي يخدم التنمية ويعود بالنفع على المواطن الجنوبي.
1 - الميناء والأرصفة الآمنة
الواقع الحالي: يمتلك الجنوب واحداً من أهم الموانئ البحرية في المنطقة، حيث يقع ميناء عدن على ممر بحري استراتيجي يسهم في ربط الشرق بالغرب، ويمتاز بالأرصفة الآمنة التي يمكن أن تتيح فرصاً تجارية وصناعية واسعة.
المشكلة: بالرغم من هذا الموقع المتميز، لا يتم استثمار الميناء بالشكل الأمثل، حيث تتراكم المشاكل الإدارية وضعف البنية التحتية، وتدخلات الجهات الخارجية، مما يحد من تحقيق الاستفادة القصوى من هذا المورد المهم.
الواقع الحالي: الجنوب يمتلك مصافي قادرة على تكرير النفط وإنتاج المشتقات النفطية، مما يمكنه من تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، ودعم السوق المحلي بأقل تكلفة.
المشكلة: المصافي تعاني من إهمال مستمر، وضعف التمويل والدعم اللازم للتشغيل والتحديث، حيث تعتمد في الغالب على التمويل من جهات خارجية تتحكم في إدارة هذه المصافي، مما يعيق تطورها واستمرارها في تلبية احتياجات السوق المحلي.
الواقع الحالي: الجنوب يحتوي على موارد معدنية غنية مثل الذهب والمعادن الثقيلة، والتي يمكن استغلالها لتكون جزءاً من دعم اقتصاد الجنوب وتعزيز استقلاليته الاقتصادية.
أسباب عدم استثمار ودعم الموارد:
تميل السياسات المركزية إلى حجب الموارد وتقييد استقلالية المؤسسات الاقتصادية في الجنوب، مما يساهم في حرمان المجتمع الجنوبي من فرص التنمية والانتعاش الاقتصادي.
تلعب التدخلات الخارجية دوراً سلبياً في التحكم في الموارد، حيث تأتي معظم الاستثمارات مشروطة بتبعية اقتصادية وسياسية للجهات الخارجية، ما يجعل الإدارة المحلية غير قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة.
تشكل البيروقراطية الإدارية وعدم كفاءة الهيئات المحلية عائقاً في إدارة الموارد بشكل فعال، حيث تفتقر إلى الأساليب والقدرات المناسبة لتنفيذ المشاريع الكبرى التي تعود بالنفع على المجتمع.
يؤدي غياب الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد إلى تبديد الفرص، حيث تُستغل الموارد غالباً في صفقات غير واضحة، مما يحرم المجتمع الجنوبي من الاستفادة الحقيقية.
1 - تعزيز الإدارة الذاتية وتطوير البنية التحتية
يجب تمكين الجهات المحلية في الجنوب من التحكم في إدارة الموارد الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية اللازمة لتحسين كفاءة القطاعات الصناعية والتجارية، بما في ذلك تحديث الموانئ والمصافي.
ينبغي تطوير آليات إشراك المجتمع المحلي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد الطبيعية، وتوفير مزيد من الشفافية بشأن العقود والاتفاقيات، لضمان استفادة المواطنين والمجتمع من هذه الموارد.
يجب العمل على تحقيق استقلالية اقتصادية في الجنوب عن طريق تأسيس شركات وطنية قادرة على تشغيل الموارد الصناعية والزراعية محلياً دون الاعتماد على التمويل الخارجي، مما يضمن تدفق الأرباح نحو الداخل.
تشجيع الاستثمارات المحلية الصغيرة والمتوسطة يعتبر خطوة هامة لتحقيق التنمية الاقتصادية، إذ أن دعم هذه المشاريع سيسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي.
إصلاح السياسات المركزية والعمل على الحد من التدخلات الخارجية في الجنوب، بالإضافة إلى تفعيل الدور الرقابي والمحاسبي، سيعزز استثمار الموارد ويوفر حماية للمواطنين من الاستغلال غير المشروع.