> الحوطة "الأيام" خاص:

92 % نسبة الإصابة من 938 عينة  خضعت للدراسة
> كشفت دراسة علمية بحثية حديثة عن انتشار الطفيليات المعوية (الأميبا الحالة للنسج، الجيارديا المعوية، والإسكارس) في محافظة لحج، ونالت بموجبها الباحثة شيرين حزام علي درجة الدكتوراه بامتياز من جامعة عدن. سلطت الدراسة الضوء على التحديات الصحية والاقتصادية المرتبطة بانتشار هذه الطفيليات، مشيرةً إلى التأثيرات السلبية التي يعاني منها السكان، لا سيما الأطفال والشباب في مختلف مديريات المحافظة.

وأوضحت الدراسة أن محافظة لحج تعد من المناطق الأكثر تأثراً بالطفيليات المعوية، حيث يعاني السكان من ارتفاع معدلات الإصابة مقارنة بمناطق أخرى، مما يزيد الأعباء الصحية على الأفراد والنظام الصحي المحلي، وتطرقت إلى الآثار الاقتصادية الناجمة عن هذا الانتشار، مثل انخفاض إنتاجية السكان وزيادة التكاليف الطبية، الأمر الذي يُلقي بظلاله على التنمية المستدامة في المنطقة.


وتهدف الدراسة إلى تحليل شامل لانتشار الطفيليات المعوية في مديريات محافظة لحج، مع التركيز على تحديد العوامل المؤثرة المحتملة، بما يشمل الظروف الاجتماعية، الديموغرافية، والصحية. وأكدت الباحثة على أهمية دراسة تأثير مصادر المياه الملوثة، التي تمثل أحد العوامل الرئيسية المساهمة في تفشي الطفيليات، إضافة إلى ضعف التوعية الصحية وقلة الخدمات الصحية الوقائية.

 وأجرت د. شيرين حزام الدراسة بين يناير 2019 ويناير 2021، حيث اعتمدت منهجية شاملة لجمع وتحليل عينات متنوعة من مختلف مديريات محافظة لحج. اشتملت الدراسة على فحص 938 عينة من براز المرضى البشر، و140 عينة من الخضروات والفواكه، و62 عينة من براز الماشية والدواجن، بالإضافة إلى 360 عينة من مياه الشرب، و90 عينة من التربة.

تم تحليل هذه العينات باستخدام تقنيات متقدمة في مختبرات المستشفيات العامة والخاصة بالمحافظة، مثل مستشفى ابن خلدون العام، ومستشفى ردفان العام، ومستشفى لبعوس، ومستشفى طور الباحة، فضلاً عن مختبرات كلية العلوم بجامعة عدن.

وأوضحت الباحثة أن هذه العينات تمثل مختلف المصادر التي قد تسهم في انتشار الطفيليات المعوية، مما يعزز فهم العلاقة بين البيئة المحلية وظروف المعيشة وانتشار هذه الطفيليات. وساهمت هذه البيانات في تقديم تحليل دقيق لتوزيع الطفيليات في المناطق المستهدفة، إلى جانب تحديد العوامل البيئية والاجتماعية التي تسهم في تفاقم المشكلة.


وتمثل الدراسة نموذجاً عملياً للتعاون بين المؤسسات الصحية والتعليمية، حيث وظفت الباحثة موارد المرافق الصحية المحلية وخبرات جامعة عدن لتحقيق نتائج دقيقة وموثوقة. هذا النهج العلمي أتاح تقديم توصيات مبنية على أدلة علمية يمكن أن تدعم الجهود الوطنية لتحسين الصحة العامة وتقليل العبء الناتج عن الطفيليات المعوية في لحج ومناطق أخرى مماثلة.

تم اختيار محافظة لحج كموقع للدراسة نظراً لتضاريسها المتنوعة التي تضم سهولاً ساحلية، ومرتفعات جبلية، وأراضي زراعية، مما يتيح تمثيلاً واسعاً للظروف البيئية المختلفة. قامت الباحثة بجمع عينات الخضروات والفواكه من الأسواق العامة لمراكز المديريات، وشملت: سوق السبت في مديرية طور الباحة، سوق أكتوبر وسوق السلام في مديرية لبعوس، وسوق الحوطة المركزي، وجمعت عينات مياه الشرب وعينات التربة المروية بمصادر مياه متنوعة مثل مياه المضخات والمياه الملوثة بالمجاري، من مراكز المديريات المختلفة.

وكشفت الدراسة عن نسبة إصابة عامة بالطفيليات المعوية بلغت 79.50 %، مع تسجيل أعلى نسبة إصابة بين المرضى البشر (92 %). أما في الخضروات والفواكه فقد بلغت نسبة الإصابة 95 %، بينما سجلت 46.9 % في الدجاج، و36.7 % في المواشي. وفي عينات مياه الشرب، وصلت النسبة إلى 42.8 %، في حين كانت النسبة في التربة مرتفعة للغاية، حيث بلغت 94.4 %.

وأوضحت النتائج أن طفيل الأميبا الزحارية كان الأكثر انتشاراً بنسبة 47.8 %، يليه طفيل الجيارديا المعوية بنسبة 34.5 %، ثم طفيل الإسكارس بنسبة 17 %. هذه النتائج تعكس خطورة التلوث البيئي وتنوع مصادر العدوى في المحافظة، ما يؤكد أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشار الطفيليات.


ورغم التحديات التي واجهتها، سواء المادية أو الشخصية، تمكنت د. شيرين حزام من تحقيق إنجازات أكاديمية بارزة، حيث كانت من المتفوقين والأوائل في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. ويعد نجاحها في إتمام هذه الدراسة دليلاً على إصرارها وشغفها بالبحث العلمي، الذي يُسهم في تحسين الصحة العامة ومواجهة التحديات الصحية في المجتمع.

تخرجت د. شيرين حزام من كلية التربية صبر عام 2009، حيث كانت الثانية على دفعتها في تخصص الأحياء والكيمياء، الذي اختارته بناءً على رغبتها وشغفها بهذا المجال. منذ تخرجها، بدأت مسيرتها المهنية بالتطوع في كلية التربية ردفان بنفس العام، حيث قامت بتغطية أغلب مساقات الأحياء النظرية والعملية دون أن تتقاضى أي مقابل.

واصلت د. شيرين مسيرتها الأكاديمية على نفقتها الخاصة، حيث أكملت دراسة الماجستير وتخرجت عام 2014 بدرجة امتياز، ومن ثم تابعت دراستها للحصول على الدكتوراه، ورغم حصولها على درجة الدكتوراه لا تزال تعمل حتى اليوم كمحاضرة في كلية التربية ردفان، التابعة لجامعة لحج، دون أن تتلقى أي راتب منذ ما يقارب 14 عاماً.

تُعد د. شيرين من القلائل المتخصصين في علم الطفيليات في اليمن، حيث ركزت دراستها على المشاكل والأمراض الطفيلية التي تصيب الإنسان والحيوان، سواء كانت داخلية أو خارجية. وأكدت أن علم الأحياء من أهم العلوم، كونه يلقي الضوء على الإنسان، وظائف أعضائه، والأمراض التي تؤثر على صحته، سواء كانت عضوية أو طفيلية.

وأوضحت أن هذه المعطيات شكلت الدافع الرئيسي لدراستها وأبحاثها حول انتشار الطفيليات في محافظة لحج، حيث سلطت الضوء على الأمراض المرتبطة بها ومدى انتشارها، ووضعت توصيات علمية تهدف إلى مكافحتها وإيجاد حلول للحد من الإصابات والسيطرة عليها.

تكريماً لجهودها، قامت جمعية شباب الحمراء بتكريم د. شيرين حزام ضمن قائمة النساء الناجحات في محافظة لحج. وقد منحتها رئيسة الجمعية درعاً وشهادة تقديرية تقديراً لمساهماتها الأكاديمية وخدماتها للطلاب دون مقابل. وخلال حفل التكريم، أشارت رئيسة الجمعية إلى أن هذا التكريم يأتي تعزيزاً لدور النساء المكافحات في مواجهة التحديات، مشيدة بجهود د. شيرين التي تعمل متعاقدة بدون راتب منذ 14 عاماً، مظهرة تفانياً وإصراراً في تقديم رسالتها التعليمية.

يعد هذا التكريم شهادة حية على إصرار د. شيرين وتفانيها في خدمة المجتمع والطلاب، مما يجعلها مثالاً مشرفاً للمرأة اليمنية التي تواجه الصعوبات بإصرار وشجاعة.