> "الأيام" القدس العربي:
أكدَّ الجيش الأمريكي، أمس الإثنين، استهداف الحوثيين للمرة الثانية سفناً تابعة للولايات المتحدة، وذلك خلال أقل من شهر من تأكيده لعملية حوثية سابقة استهدفت سفناً تابعة له، في الوقت الذي بلغ فيه عدد الغارات والضربات الصاروخية الأمريكية البريطانية على أهداف للحوثيين نحو 844 ضربة وغارة، وفق زعيم “أنصار الله”، الأمر الذي يؤكد أن قدرات الحوثيين الهجومية لم تتأثر بالحملة الأمريكية البريطانية، التي بدأت في 12 يناير الماضي.
بل لو قارنا الهجمات الحوثية قبل بدء تلك الحملة، بما صارت إليه بعدها فإن الحوثيين حققوا تطوراً كبيراً وامتلكوا جرأة أعلى، عقب بدء تلك الحملة، إذ صارت هجماتهم تستهدف قافلة من السفن في وقت واحد، كالاستهداف الأخير الذي تم أمس الأحد.
موقع “ترايد ويندز” البريطاني، المتخصص بشؤون السفن والملاحة البحرية، اعتبر هذا الاستهداف “دليلاً إضافياً” يؤكد أن “قدرات الحوثيين ما زالت غير منقوصة”، “على الرغم من مزاعم الولايات المتحدة المتكررة بإضعافهم بالضربات الجوية”.
وأكدَّ الجيش الأمريكي، في بيان، الإثنين، تعرض قافلة أمريكية مكونة من ثلاث سفن، مملوكة ومدارة من الولايات المتحدة، وترفع العلم الأمريكي، لهجوم من الحوثيين.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) إن “المدمرتين (يو إس إس ستوكديل) و(يوإس إس أوكين) تمكنتا من التصدي بنجاح لمجموعة من الأسلحة التي أطلقها الحوثيون أثناء عبورهما في خليج عدن، في الفترة من 30 نوفمبر وحتى 1 ديسمبر. كانت المدمرات ترافق ثلاث سفن تجارية مملوكة ومُدارة من قبل الولايات المتحدة، وترفع العلم الأمريكي”.
وكان الحوثيون أعلنوا، مساء الأحد، من خلال المتحدث العسكري، استهدافهم لمدمرتين أمريكيتين وثلاث سفن إمداد تابعة للجيش الأمريكي، من خلال “ستة عشر صاروخاً بالستياً ومجنحاً وطائرةً مسيرةً”.
لكن “سنتكوم” ذكرت “أن المدمرتين نجحتا في التعامل وتدمير ثلاثة صواريخ باليستية مضادة للسفن، وثلاث طائرات هجومية من دون طيار أحادية الاتجاه، بالإضافة إلى صاروخ كروز واحد مضاد للسفن، مما ضمن سلامة السفن وأطقمها، وكذلك السفن المدنية وفرقها”.
ثمة تعارض فيما جاء في البيانين الحوثي والأمريكي، وبخاصة فيما يتعلق بعدد الهجمات، فالبيان الأمريكي ذكر أنه صدَّ سبع هجمات، ثلاثة صواريخ باليستية وثلاث طائرات، وصاروخ كروز، بينما ذكر البيان الحوثي 16 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة.
تأتي هذه الهجمة الحوثية خلال أقل من شهر من هجمة حوثية سابقة تم الإعلان عنها في 12 نوفمبر الماضي، وذكر الحوثيون أنهم استهدفوا خلالها حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس أبراهام لينكولن) في البحر العربي، ومدمرتين أمريكيتين في البحر الأحمر. وأعلن الجيش الأمريكي، لاحقاً، عن تعرض مدمرتين لهجوم، بينما لم يرد أي تعليق بشأن حاملة الطائرات، التي غادرت المنطقة لاحقًا، وباتت منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية في الوقت الراهن خالية من حاملة طائرات.
وقال البيان الحوثي حينئذ إنَّ “شنَّ العدوانِ على اليمنِ ضمنَ الدفاعِ الأمريكيِّ البريطانيِّ عنِ العدوِّ الإسرائيليِّ من قِبلِ القطعِ الحربيةِ الأمريكيةِ لن يدفعَ القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ، التابعة للجماعة، إلا إلى المزيدِ من استخدامِ حقِّها المشروعِ في الدفاعِ والتصدي وضربِ كافةِ التهديداتِ المعاديةِ في البحرينِ الأحمرِ والعربيِّ وفي أيِّ منطقةٍ أخرى تطالُها الأسلحةَ اليمنية”.
يؤكد الهجومان الأخيران، اللذان أكد الجيش الأمريكي وقوعهما بصرف النظر عن تفاصيل البيانين الأمريكي والحوثي، مدى التزام الحوثيين باستهداف السفن الأمريكية والبريطانية، وهو ما أعلنوا عنه عقب بدء تحالف من واشنطن ولندن شن غارات جوية وضربات صاروخية على أهداف في اليمن يقول التحالف إنها للحوثيين منذ 11 شهراً.
كما يؤكد الهجومان، بالإضافة إلى الهجمات السابقة، التزام الجماعة باستمرار عملياتهم البحرية مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مما يشير، أيضاً، إلى عدم تأثرهم بوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان عقب الاتفاق بين حزب الله وإسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم تأثر قدراتهم العسكرية بالغارات والضربات الأمريكية والبريطانية لمدة تناهز العام، بما فيها استخدام الولايات المتحدة لقاذفات القنابل الشبحية بي 2 في منتصف أكتوبر الماضي ضد أهداف قالت إنها مخازن أسلحة للحوثيين تحت الأرض، وهو ما نفاه الحوثيون.
عودة للهجمة الأخيرة، التي نفذها الحوثيون، الأحد، فالسفن الثلاث التي ذكر البيان الحوثي أنها سفن إمداد تابعة للجيش الأمريكي، أثبتت التقارير الملاحية والبيان الأمريكي أن لها روابط بالولايات المتحدة، وبالتالي تتطابق مع ملف السفن التي يستهدفها الحوثيون عادة، إذ إنها ترفع العلم الأمريكي، ومملوكة ومُدارة من الولايات المتحدة.
وبالاطلاع على الهجمات الحوثية ضد السفن الأمريكية قبل 12 يناير الماضي، أي قبل الحملة الأمريكية البريطانية ضد أهداف في اليمن تقول الحملة إنها للحوثيين؛ فثمة هجمة أعلن عنها الحوثيون بتاريخ 10 يناير، وأكدوا فيها استهدافهم سفينة أمريكية “تقدّم دعماً لإسرائيل”، واعتبروها “رداً أولياً” على استهداف أمريكي في 31 ديسمبر 2023 للقوات البحرية التابعة لهم.
وكان ذلك الهجوم هو الثالث عشر الذي تتبناه الجماعة، من أصل 26 عملية على السفن التجارية في البحرين الأحمر والعربي منذ 19 نوفمبر حتى العاشر من يناير، بينما أعلن الحوثيون، مؤخراً، أن هجماتهم استهدفت إلى قبل شهر تقريباً 202 سفينة.
فيما قالت القيادة المركزية الأمريكية، يومها، إنها وبمشاركة قوات البحرية البريطانية تصدت للهجوم، وأسقطت الطائرات والصواريخ التي أطلقتها الجماعة.
وقال حينها وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، في “تدوينة” على منصة “إكس” إن “سفينة “اتش إم إس دايموند” إلى جانب السفن الحربية الأمريكية صدّت أكبر هجوم شنه الحوثيون المدعومون من إيران في البحر الأحمر”.
وكان الحوثيون، هددوا، حينها، بالرد على استهداف القوات الأمريكية لقواتهم في 31 ديسمبر، والذي نجم عنه مقتل عشرة جراء إغراق ثلاثة زوارق تابعة لهم.
مقارنة الهجمات الحوثية قبل الحملة الأمريكية البريطانية بما كانت عليه قبلها؛ فإن الحوثيون أحرزوا تقدماً في تطوير تقنياتهم الهجومية، وصولاً إلى إعلانهم استهداف حاملة طائرات بدءاً من حاملة الطائرات إيزنهاور، وصولاً إلى حاملة الطائرات أبراهام لينكولن، على الرغم من أن بيانات “سنتكوم” تنفي ذلك.
كما أن القدرات الصاروخية للجماعة حققت تطوراً لافتاً، وصولاً إلى استخدام صواريخ فرط صوتية في استهداف أهداف في البحر العربي والمحيط الهندي، وهو تطور مرت فيه صواريخ الجماعة بمراحل، وصولاً إلى امتلاك صاروخ يقطع مسافة تتجاوز الألفي كيلومتر، وبسرعة تتجاوز سرعة الصوت 16 مرة؛ وهو تطور يُحسب للحوثيين بصرف النظر عن وجود مساعدة إيرانية من عدمها.