تأمل قطرة ماء صغيرة، نقية وواضحة، تؤدي دورها الفريد في المحيط عندما تصبح جزءًا من كيان عظيم لا يمكن فصله، أي أنها تصبح عضوًا في محيط هائل، لا تُسلب منه قوته ولا تضعف جماله. لكنها عندما تكون وحدها تصبح عرضة للجفاف تحت حرارة الشمس أو قسوة الرياح..

هذا هو درس الطبيعة الذي يهمس لنا كل يوم أن "الوحدة سر البقاء، والفرقة دليل الفناء".

فلقد خلقنا الله مختلفين ليختبر قدرتنا على العمل معًا، ومَيَّزنا بالعقل والإحساس لنبني مجتمعات تستند إلى التكامل والتعاون. إن التنوع بين البشر ليس عائقًا بل هو أعظم هدية منحها الله لنا. كل شخص يمثل قطرة مميزة، بمواهبه وخبراته وثقافته. وإذا اجتمعت هذه القطرات، فإنها تكون بحرًا يعج بالحياة والتفاعل. المحيط يضم في جوفه الشعاب المرجانية، والكائنات البحرية، والتيارات المختلفة، كلها تعيش في انسجام على الرغم من تنوعها. وهذا يشبه عالمنا الإنساني، الذي يجب أن يقوم على التعايش والتسامح بين اختلافاتنا.

إن القطرة وحدها ضعيفة، لا يمكنها الصمود أمام التحديات بمفردها. لكنها عندما تنضم لغيرها، تصبح جزءًا من منظومة لا تُقهَر. في الوحدة، نجد الحماية، القوة، والاستمرارية. هذه الصورة البسيطة تلخص كيف يمكن للتعاون بين الأفراد أن يحمي المجتمعات من التحديات ويمنحها القدرة على تحقيق الإنجازات العظيمة.

إن اليمن..

بجمال تنوعه واختلافه نشعر وكأنه مجموعة دول في دولة واحدة، لها طابعها المميز، كل فرد فيه إنما هو فريد من نوعه.. وهذه هي هبة إلهية ومسؤولية مشتركة علينا أن نحملها بأمانة عظيمة مقرونة بقوة التعايش التي عجزت الجبال عن حملها، ونبدأ بغرس هذه القوة (الوحدة والتسامح والتعايش في ظل التنوع والاختلاف) في نفوس أطفالنا فهي سر تحول القطرات إلى محيطًا لا ينضب..



كيف نغرس هذا المبدأ في الأطفال؟

أنهم مسؤولو الغد، وبأيديهم يتشكل المستقبل. علينا أن نزرع فيهم مفهوم التسامح والتعايش والوحدة في ظل التنوع منذ نعومة أظفارهم، حتى يكبروا وهم مدركين أن قوتهم الحقيقية تكمن في اتحادهم.

• التشبيه بالمحيط لنستخدم قصة القطرات والمحيط لتوضيح أهمية الوحدة. دعونا نخبرهم أن القطرة لا يمكنها ري الأرض بمفردها، لكنها عندما تصبح جزءًا من المحيط، يمكنها أن تعطي الحياة للكون كله.

• استخدام الأنشطة التعاونية لنشاركهم عمليًا كيفية الاعتماد على التعاون، مثل بناء نموذج، رسم لوحة جماعية أو لعب ألعاب تعاونية جماعية، تجعلهم يشعرون بقوة العمل المشترك.

• احترام الفروقات عبر تعليمهم أن كل شخص لديه "قطرة مميزة" يقدمها للعالم، وأنه لا يمكن بناء محيط حقيقي إلا إذا احترمنا كل القطرات المختلفة.

• ولنحتفل معهم أيضًا بالتنوع دعونا نجعل الأطفال يشاركون في فعاليات تحتفي بثقافات مختلفة، ليفهموا أن التنوع ليس تهديدًا بل مصدر ثراء، عندما يتحد البشر مثل القطرات في محيط واحد، فإنهم يصنعون عالمًا مليئًا بالحياة، قادرًا على مواجهة الجفاف الروحي والتحديات المادية. المحيط لا يختار مياهه بناءً على أصلها أو لونها، بل يحتضنها جميعًا.

• دعونا ننقح المناهج التربوية والتعليمية من سموم "أنا والغريب" الفتاكة، وآفة التكفير المميتة ونضم مناهج تدعو للتسامح والتعايش.

فلنتعلم من المحيط، ولنعلم أطفالنا أن وحدتنا في ظل تنوعنا هي ما يجعلنا أعظم وأقوى. إن دعوة للتعايش والتسامح إنما هو نداء لنكون محيطًا نابضًا بالحياة، عظيمًا، لا يقهر. لا مجرد قطرات تجف وحدها..

ودمتم سالمين