> «الأيام» غرفة الأخبار:

الفساد ليس مجرد تجاوز للقوانين أو إهدارا للموارد، بل هو أداة قمع تمزق أوصال المجتمع، خاصة حين يتعلق الأمر بشعب يعاني من الفقر والجوع، فيما يتسبب الفاسدون بإيصال ملايين الناس إلى مراحل متقدمة من الجوع والحاجة للمساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة.

وبحسب تقرير نشره اليوم موقع "بلقيس"، فإن التحرك ضد الفساد لا يتوقف عند السماح بظهور بعض المعلومات على وسائل الإعلام بل يجب تفعيل الأجهزة الرقابية وإعادة بنائها إن لزم الأمر، ووضع معايير صارمة للرقابة وتنفيذها على الجميع بدون استثناءات، ما لم يحدث شيء من ذلك، فإن "شعارات مكافحة الفساد ستظل أدوات يلوح بها الفاسدون في وجوه بعضهم البعض حين يختلفون".
  • غياب التفاصيل
يقول الخبير النفطي، حسن مغلس، إن الجميع في اليمن، تقريبا تابعوا وتفاعلوا مع تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي يكشف عن مخالفات وقضايا فساد، ونشرته وكالة سبأ، والذي قدمته القيادة السياسية كأسلوب جديد لمحاربة الفساد.

وأضاف: "ليس هناك أي شخص أو مواطن يقف ضد هذا التوجه إلا الفاسدين، لأن هذا مطلب جماهيري، لكن المشكلة أنهم تركوا الملفات حتى تورمت، ونحن تحدثنا عن قضايا فساد منذ سنوات والحكومة صامتة، أين الوزراء والحكومات السابقة من كل هذا الفساد؟ من يتحمل مسؤولية كل هذا العبث؟".

وتابع: "عندما نتحدث عن 2000 قطعة أرض أو 2000 قضية حول الأراضي، لماذا الانتظار حتى وصلت إلى هذا الرقم الكبير؟ لماذا لم تعالج في وقتها؟".

وأردف: "حتى شركة بترومسيلة منذ أول التأسيس ترك المجال أن تقاد من الخارج، أن تكون قيادتها يمنية تقودها من الخارج، منذ التأسيس في 2011، وهذا يعتبر عيب في حق القيادة، وكأن هناك من يصمت على بعض الإجراءات الخاطئة".

وزاد: "بعد ذلك تأسست شركات أخرى تتبع بترومسيلة، وكان هناك أخطاء قانونية، وهناك أشخاص صرخوا وحذروا في وقتها، لكن لم يلتفت لهم أحد".

وقال لـ "بلقيس": "نحن نريد أن نحارب الفساد، لكننا نخشى، أن تكون هذه مجرد قفزة. وفي المقابل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يتعامل دائما بلوائح، وربما تكون الإجراءات بالنسبة له خاطئة، بحسب اللائحة، لكن قد تكون إجراءات إدارية سليمة في بعض الأحيان، لأن بعض الجهات التي تم الآن حصر الصرف عليها، مثل المصافي، وبترومسيلة، قد تكون فعلا صرفت أشياء في محلها، ولا نستطيع تحديد ذلك إلا بعد المحاكمات والإثبات بالأوراق".

وأضاف: "ليس هناك تفاصيل دقيقة حول قضايا الفساد، لكن بحكم أن مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء، تبنيا الموضوع، فنحن معهم في محاربة الفساد، فقط عليهم أن يمضوا إلى النهاية، ونعتب عليهم لماذا انتظروا حتى تورم هذا الفساد طيلة هذه الفترة".
  • خبر إعلامي
يقول أستاذ تقييم الأثر البيئي في جامعة الحديدة د. عبدالقادر الخراز، "تقرير الرقابة والمحاسبة لم ينشر إلى الآن، وما وصلنا حتى الآن هو خبر إعلامي ومعلومات محددة من مجلس الرئاسة، والحكومة، عبر وكالة سبأ، وهي معلومات ناقصة".

وأضاف: "هذه المعلومات لم تحدد التفاصيل، بينما تقارير الجهاز المركزي دقيقة جدا، ولذلك لو كان التقرير نشر، كنا سنعرف هل هناك عجز عند الجهاز المركزي للرقابة، أو أن الرئاسة هي من أوصلت لنا هذه المعلومات المنتقصة كما أسميها، بمعنى أنها مثلا: لم تسم محافظ المحافظة الذي قام بحجز أموال له، ولم تحدد تفاصيل كثيرة".

وتابع: "التفاصيل الدقيقة هي داخل التقرير، لذلك أنا منذ أن نشرت هذه المعلومات وأنا أطالب وأقول، ارسلوا لنا التقرير، أعطونا التقرير، لكنهم رفضوا ذلك، وهذا يدل على عدم الشفافية".

وأردف: "بغض النظر عن ذلك، أنا في الحقيقة متفائل، لأنه بمجرد أن رئاسة الدولة تعترف بالفساد، هذا شيء مهم، رغم أننا نتكلم اليوم عن المسألة الأخلاقية، طوال هذه الفترة لم يتكلموا، بل عوقب من كان يفتح ملفات الفساد".

وزاد: "في الأخير اليوم نحن في نقطة إيجابية، ويجب أن يكون ما بعد هذه النقطة، هناك شفافية، يكون هناك حوكمة وإعطاء أولويات لجهاز الرقابة والمحاسبة، ومنها مجلس النواب، بمعنى أن هذا التقرير يجب ان ينشر ويذهب إلى مجلس النواب لمناقشته".
  • مؤشر خطير
يقول المنسق الوطني لتحالف الشفافية في الصناعات الاستخراجية، توفيق البذيجي، ما كشفه تقرير الجهاز المركزي للرقابة عن ملفات فساد، هو موضوع مهم ولكن في نفس الوقت هو مؤشر خطير عن حجم الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، ويعكس ضعف المنظومة الرقابية، ويشير إلى استغلال بعض المسؤولين والنافذين لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.

وأضاف: "لكن بالنظر إلى هذا المبلغ الذي هو مليار و700 مليون دولار، خلال الفترة الماضية، أو منذ قيام الحرب، فأنا أرى أن هذا المبلغ لا يشكل الرقم الحقيقي، فالتجاوزات هي أكبر من ذلك بكثير، ونحن طبعا بدورنا نشجع مثل هذه المبادرات من مجلس الرئاسة".

وتابع: "لكن مسألة عدم نشر مثل هذه التقارير من قبل، هذا يضع علامة استفهام كبيرة، وهذا بالفعل ما يثار من كثير من الناشطين والإعلاميين، ما الهدف من نشر هذا التقرير الآن؟ هل هو تقرير أم تسريب من التقرير؟ لأننا حاولنا الوصول إلى التقرير، ولكن مع الأسف لم نستطع الوصول إليه وهو بمثابة مناكفات سياسية، ونحن نتمنى أن لا يكون كما أشار الزملاء، وأن يكون في الطريق الصحيح".

وأردف: "السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل يستطيع مجلس الرئاسة في وضعه الحالي وفي منظومة الرقابة والمساءلة من مكافحة الفساد ومساءلة النافذين؟".