> "الأيام" غرفة الأخبار:

مع اقتراب الأزمة اليمنية من دخول عامها العاشر في 2025، لا تزال تطوراتها السياسية والاقتصادية والأمنية متشابكة ضمن سياقات إقليمية ودولية مضطربة. ورغم محاولات دبلوماسية متقطعة، لا يزال طريق السلام مسدودًا، في حين تعكس التطورات الأخيرة احتمالات مختلفة للمسار المستقبلي.

وبحسب تحليل نشره أمس مركز سوث24 للدراسات للباحث عبدالله الشرفي، فإن هناك عددا من المسارات المتوقعة للوضع في اليمن خلال العام الجاري 2025م، حددها الباحث في الآتي:
  • المسار السياسي: أفق مضطرب رغم الاتفاقيات
في ديسمبر 2023، أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ موافقة الأطراف اليمنية على "خارطة طريق" تضمنت وقف إطلاق النار وترتيبات إنسانية واقتصادية. جاء الاتفاق بعد مفاوضات مباشرة بين الحوثيين والسعودية، بينما استجابت الحكومة اليمنية للرياض دون مشاركة مباشرة في المفاوضات. غير أن توقيع الاتفاق تأجل وسط اشتعال الحرب في غزة وتكثيف الحوثيين لهجماتهم البحرية، مما أدى إلى فتور الدعم الدولي وعمليات عسكرية شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا.

خلال عام 2024، لم تحقق المباحثات السياسية تقدمًا يُذكر، لكن الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة في يناير 2025، والذي يتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، أعطى بصيص أمل. الحوثيون أبدوا استعدادهم لمواكبة وقف الهجمات، مما يفتح المجال لاحتمال تجدد المفاوضات بشأن خارطة الطريق.

الباحث اليمني حسام ردمان يرى أن ديناميات السياسة اليمنية تعتمد بشكل كبير على التفاعلات الإقليمية، مشيرًا إلى أن التدخلات الخارجية وحدها ليست كافية لحل الأزمة دون إعادة بناء التماسك الداخلي في الحكومة اليمنية. ويؤكد أن أي تقدم يتطلب توافقًا محليًا مدعومًا بضمانات دولية قوية.
  • الاقتصاد: انهيار يهدد الأمان الاجتماعي
التدهور الاقتصادي في اليمن خلال 2024، الناجم عن توقف صادرات النفط وانهيار العملة، يتوقع أن يتفاقم في 2025. ويشير مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى أن الأوضاع المالية للحكومة باتت أكثر خطورة، مع بلوغ سعر الدولار 2100 ريال يمني في المناطق الحكومية. ورغم الدعم السعودي البالغ 500 مليون دولار، فإن غياب إصلاحات جادة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.

من جانبه، حذر نصر من أن الاحتجاجات الشعبية التي تصاعدت في عدن والمكلا تعكس فقدان الثقة بالحكومة، وهو سيناريو يهدد استقرار البلاد. ويرى أن استئناف صادرات النفط وإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية هما السبيل الوحيد لاستعادة الاستقرار المالي.
  • المشهد العسكري والأمني: تهدئة بحرية وتصعيد بري
شهد عام 2024 تصاعدًا في الهجمات البحرية الحوثية، إلا أن وقف إطلاق النار في غزة قد يساهم في الحد منها. مع ذلك، يتوقع الخبراء استمرار التوترات الداخلية إذا لم يتم إحراز تقدم سياسي. العميد ثابت حسين صالح يرى أن خطوط التماس العسكرية لم تشهد تغييرات كبيرة، مشيرًا إلى أن الحوثيين سيستغلون التهدئة البحرية لمواصلة الضغط العسكري على الأرض.

كما أشار تقرير مركز سوث 24 إلى أن الحوثيين نفذوا 166 هجومًا بحريًا في 2024، مع تصعيد عملياتهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة. ويظل مستقبل التهدئة مرتبطًا بالالتزام الإسرائيلي والحوثي بشروط وقف إطلاق النار.
  • الأزمة الإنسانية: تحديات متصاعدة
مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والعسكرية، تظل الأزمة الإنسانية في اليمن الأسوأ عالميًا. بحسب المهندس خالد الجابري، من المتوقع أن يحتاج 19.5 مليون يمني إلى المساعدات في 2025. وأشار إلى أن النساء والأطفال والنازحين سيعانون بشكل خاص من نقص الغذاء والخدمات.

تسعى الأمم المتحدة إلى جمع 2.5 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية في 2025، إلا أن الفشل في تحقيق التمويل الكافي في 2024 يثير مخاوف حول تكرار السيناريو. وأضاف الجابري أن الاحتياجات المتزايدة تتطلب استجابة دولية عاجلة.
  • خلاصة
تظل الأزمة اليمنية مرهونة بتفاعل معقد بين التحديات السياسية والعسكرية والاقتصادية. وبينما يقدم وقف إطلاق النار في غزة فرصة للتقدم، فإن غياب رؤية شاملة للتسوية الشاملة قد يبقي اليمن غارقًا في دوامة الحرب والمعاناة الإنسانية.