> يوسف ثابت:

  • القلق يساور أبناء ردفان حول مصير الأموال المخصصة لمشروع المشفى العام
  • غياب الوثائق الرسمية حول مشروع ترميم مستشفى ردفان يثير تساؤلات حول الشفافية
  • مستشفى ردفان أمام صعوبات توفير الكادر الطبي المتخصص بعد تنفيذ الترميمات
> يشهد مستشفى ردفان العام في محافظة لحج مشروعا لإعادة ترميمه بتمويل من منظمة الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS)، بتكلفة بلغت مليون دولار.

وبحسب التفاصيل فأن المشروع الذي جرى تسليمه للشركة المنفذة، يهدف إلى تحسين الخدمات الصحية في مديرية ردفان التي تعاني من تدهور حاد في البنية التحتية الصحية منذ بدء الصراع المسلح في البلاد في العام 2014.

ورغم أن المشروع يمثل أهمية بارزة للمنطقة إلا أن هناك مخاوف جدية تبرز لدى المجتمع وبعض النخب بشأن مصير الأموال المخصصة، في ظل تجارب سابقة أظهرت ضعف التخطيط والإدارة لمشاريع تنموية مماثلة. أحد أبرز الأمثلة هو مشروع بئر الصلعى، الذي كلف 124 ألف دولار، لكنه توقف كلياً بعد شهرين فقط من تشغيله، ما أدى إلى إخلائه من جميع المعدات وتحوله إلى مكب للنفايات في المنطقة.

فمثل هذه المشاريع تثير تساؤلات وتخوف من أن يكون مشروع إعادة تأهيل المشفى مشابه إذا ما وجد الحرص ، خاصة مع حجم المبلغ المخصص. إذ يطرح الأهالي استفساراتهم عبر صحيفة "الأيام" وتبدأ من هل ينجح المشروع في تحقيق أهدافه الصحية والتنموية؟ أم سيكون مصيره دون كوادر مؤهلة؟ والإجابة على هذه التساؤلات تعتمد على كفاءة التنفيذ والرقابة، والمتابعة وسط مخاوف من أن يؤدي ضعف التخطيط إلى هدر أموال المانحين مجددا.


ولا تتوقف تساؤلات ابناء المنطقة حول الطريقة التي تمت بها إدارة المشروع، خاصة بما يتعلق بعملية هدم أجزاء من المستشفى رممت سابقا بجهود مجتمعية وبتمويل أبناء يافع بالصين. فهل كان الهدم ضروريًا لتوسعة المرافق، أم أنه يعكس غيابًا للتخطيط الاستراتيجي مسبقا؟ إلى جانب التكلفة العالية ومصير المبنى القديم الواقع بجانب الأمومة والطفولة واستفسروا عن استدامة المشروع وهل يكفي تأهيل مرافق جديدة دون خطة تشغيلها بالكادر المؤهل؟

ومن بين الأسئلة الجوهرية التي أردنا معرفتها كيف سيتم تشغيل المرافق الجديدة بعد الانتهاء من المشروع وهل سيتم ايجاد كادر مؤهل لها ؟
  • نقطة حوار
معد التقرير التقى مع صالح عقيل، نائب المدير العام في ردفان، للإجابة عن عدد من التساؤلات. وقال عقيل إن تكلفة المشروع تبلغ مليون دولار وتشمل إعادة تأهيل بعض أقسام مستشفى ردفان العام، بما في ذلك بناء وتجهيز غرفة عمليات كبرى بمواصفات عالمية، وتأهيل قسم العناية المركزة الذي يتكون من ستة أسرة بمواصفات عالية الجودة. كما يتضمن المشروع إنشاء وحدة لإنتاج الأكسجين (مصنع للأكسجين) خارج المبنى بقدرة إنتاجية تصل إلى 30 دبة أكسجين يوميًا.

وبحسب المسؤول الحكومي في المديرية، هناك جهود لتوريد أحدث الأجهزة الطبية وفقًا للمواصفات العالمية، وذلك ضمن تدخلات منظمة "اليونبيس"، التي تشدد على توفير أجهزة عالية الجودة على عكس بعض المنظمات الأخرى. وأشار إلى أن أكثر من 70% من تكلفة المشروع مخصصة لتوريد الأجهزة الحديثة مثل أجهزة غرفة العمليات، قسم العناية المركزة، ووحدة إنتاج الأكسجين، بينما يتم تخصيص النسبة المتبقية للأعمال الإنشائية وترميم الأقسام.

أما عن المبنى القديم المتهالك والذي كان يسمى مبى العيادات أكد أنه سيكون مشروعًا منفصلًا وبتمويل اخر يتم تنفيذه بدعم من المنظمة الكويتية، ومن المقرر البدء في بنائه وتجهيزه كمركز لغسيل الكلى مع بداية عام 2025. وفي السياق ذاته، توجه معد التقرير إلى مكتب الصحة العامة لمديرية ردفان، والتقى مع مديرها، د. أوسان فضل علي العجلمي، للتعليق حول المشروع الذي ينتظره أبناء المنطقة.

وفي هذا الصدد، أجاب عن الأهداف الأساسية التي يسعى مكتب الصحة لتحقيقها من خلال مشروع الترميم الممول من "اليونبيس" بالقول: "الأهداف الأساسية من عملية الترميم والتأثيث هي تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة، وإيجاد خدمات صحية غير موجودة سابقًا، وتأمين احتياج المستشفى والمرافق الصحية الأخرى من الأكسجين. كما تشمل الأهداف أيضًا إعادة تأهيل بعض الأقسام المهمة بمواصفات منظمة الصحة العالمية، وتأمين حالات العمليات الجراحية الكبرى بعد خروجها من العمليات إلى العناية المركزة، وكذلك الحالات الطارئة مثل مرضى القلب والحوادث. يوفر بنك الدم تخزين كميات الدم الكافية والآمنة لاستخدامها عند الحاجة الضرورية والحرجة لحالات الحوادث والعمليات، وفصل مكونات الدم ومشتقاته."

وعن دور مكتب الصحة في تحديد الأولويات والاحتياجات الملحة للمستشفى قبل بدء المشروع، علق المسؤول الصحي الأول في المديرية قائلاً: "نعم، وضع مكتب الصحة بالمديرية هذه الاحتياجات ضمن خطته التنموية الصحية، وبحث عن ممول لها بتعاون واهتمام من قبل السلطة المحلية ممثلة بالمدير العام للمديرية، ومكتب الصحة بالمحافظة. ولم نشارك في وضع الدراسات وجداول الكميات التي وضعتها المنظمة بناءً على مسح تم من قبل شركة "انجيكون" المتعاقدة مع "اليونبيس"."

وحول استدامة المشروع بعد اكتماله وكيفية ضمان تشغيل المرافق التي تم إنشاؤها، أضاف: "يتضمن المشروع توفير الأجهزة والمعدات الطبية، وبعد اكتمال المشروع، سنقوم بتشغيلها مباشرة لحاجة المرضى إلى هذه الخدمات الطبية الهامة. وسيتم ضمان ذلك من خلال عملية التأثيث وتزويدها بكل الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة لتشغيلها. ونحن بصدد مخاطبة الجهات المعنية بالمحافظة بضرورة توفير مختصين في العناية المركزة قبل نهاية إنجاز المشروع بفترة قصيرة، وقد وضعنا ذلك ضمن خطتنا للعام 2025."

وفيما يتعلق بالانتقادات حول هدم الأقسام الداخلية التي تم ترميمها سابقًا على نفقة أبناء يافع في الصين، حيث يعتبر البعض أن ذلك إهدارًا للمال العام، رد المسؤول الحكومي قائلاً: "نحن نرحب بمثل هذه الملاحظات والانتقادات لأنها توضح مدى حرص واهتمام تلك الجهات التي دعمت من قبل. ولكن نود أن نوضح أنه لا يوجد أي هدم، وإنما تم تغيير السيراميك وإزالة بعض القواطع الداخلية. ويتم إعادة ترميم وتأهيل تلك الأقسام بناءً على معايير ومواصفات منظمة الصحة العالمية المعمول بها عالميًا. نحن بدورنا حاولنا قدر المستطاع لإبقائها والاستفادة منها، ولكننا سلمنا للأمر الواقع كون هذه الأقسام ستخضع لعملية ترميم وتأهيل واسعة ومرتبطة ببعضها البعض من حيث مد شبكة كهرباء داخلية حديثة، وكذلك ربطها بشبكة الإمداد المباشر لأنابيب الأكسجين التي لم تكن متوفرة سابقًا في قسم العمليات وأقسام الرقود والعناية المركزة. فكانت ضرورة ملحة لإزالة السيراميك من تلك الأقسام لكي يتم ربطها بأنابيب الشبكة الداخلية للأوكسجين، والتكييف المركزي، ونظام التواصل بين هذه الأقسام."

وعن رأي المسؤول الحكومي في المشكلة الأساسية التي يعالجها المشروع، قال: "المشروع يعالج جزءًا كبيرًا من المشكلة. أما الأسباب الأخرى، فهي ضرورية وملحة، مثل توفير خدمات طبية غير موجودة سابقًا مثل العناية المركزة، بنك الدم، إنشاء مصنع الأوكسجين، وربط الأقسام بشبكة كهرباء داخلية حديثة. الشبكة السابقة كانت قديمة وتعاني من التهالك، ما يؤدي إلى مشاكل قد تتلف الأجهزة."

وفيما يتعلق بمشاريع أخرى ضمن المستشفى، قال المسؤول: "لا يشمل المشروع الحالي أعمال ترميم لقسم الأمومة والطفولة والمبنى القديم المجاور. تم اعتماد تركيب منظومة طاقة شمسية لمركز الأمومة بتمويل آخر."

وعن التكلفة والتمويل، أكد: "التكلفة الإجمالية للمشروع هي مليون دولار."

وبخصوص الاحتياجات الفعلية التي يراها مكتب الصحة كأولوية قصوى للمستشفى قبل تنفيذ المشروع وبعده، أجاب قائلاً: "الاحتياجات الفعلية التي نراها كضرورة ملحة قبل بدء المشروع هي تدخل أي منظمة لدعم المستشفى بالأدوية والمستلزمات الطبية وحوافز للعمال. كما تشمل تجهيز قسم العناية المركزة، تجهيز بنك الدم، إنشاء مصنع الأوكسجين، تجهيز قسم العزل، بناء مستودع طبي عام، ومنظومة الطاقة الشمسية."

وعن مدى تغطية المشروع الحالي لهذه الاحتياجات، قال: "نعتقد أنه يغطي جزءًا كبيرًا منها."

وفيما يتعلق بالشفافية، طلب معد التقرير التوضيح حول العقود والاتفاقيات الخاصة بالمشروع، فأجاب المسؤول: "لا توجد لدينا أي وثائق خاصة بالعقود والاتفاقيات مع المنظمة والشركة المنفذة للمشروع، ولم يتم تزويدنا بها رغم طلبنا."

وتوجه بالشكر إلى المسؤولين الذين ساهموا في اعتماد وتنفيذ هذا المشروع، وهم: "الأخ مدير عام مديرية ردفان الشيخ فضل عبدالله أحمد القطيبي، ومدير عام مكتب الصحة م/ لحج الدكتور خالد محمد جابر، ومحافظ محافظة لحج اللواء أحمد عبدالله تركي، ومدير المشاريع بالأمم المتحدة الدكتور خلدون سالم صالح، والدكتور واعد باذيب وزير التخطيط والتعاون الدولي."

ويذكر أن المشروع الذي يتم تنفيذه في مستشفى ردفان يمثل خطوة هامة نحو تحسين القطاع الصحي في المنطقة. رغم أن هناك بعض الانتقادات المتعلقة بتغيير بعض البنية التحتية التي تم ترميمها سابقًا، إلا أن التبريرات المقدمة من المسؤولين تشير إلى ضرورة هذه التعديلات لتواكب المعايير العالمية في تقديم الرعاية الصحية. هذا المشروع يشير إلى توجه جاد نحو تحسين مستوى الخدمات الصحية في مناطق نائية بحاجة ماسة لمثل هذه التدخلات.

ويحتوي المشفى كامل على خمسة مباني منها المستشفى العام الرئيسي. ومبنى الأمومة والطفولة. ومبنى شبه متهالك كان يدعى العيادات. اضافه الى مبنى جديد من طابقين شيد على أساس طوارئ توليدية إلا أنه مقفل، كذالك مبنى اخر من طابقين يسموه الان الإدارة،وعربة "شاحنة" مقدمة من اليابان ،وعدد من المباني السكنية إضافة إلى صيدلية خاصة بالمشفى.

وفي لقاء منفصل ، طرحنا على د. سالم شيبان، القائم بأعمال مدير مستشفى ردفان العام، سؤالًا حول عدد المباني الصحية وغير الصحية داخل حوش المستشفى. فأوضح أن هناك عدة مبانٍ تقدم خدمات متنوعة داخل الحوش، حيث تتوزع بين المباني الصحية التي تشمل المستشفى العام، مركز الأمومة والطفولة، مبنى العيادات، بالإضافة إلى عربة طبية مقدمة من جمهورية اليابان. أما المباني غير الصحية، فهي تشمل مبنى مكونًا من طابقين يسمى "الرويشان"، الذي كان من المقرر أن يصبح طوارئ توليدية، إلا أن الحرب حالت دون تنفيذ ذلك. حاليًا، تم تحويله إلى مخازن لأدوية ومعدات الأمومة والطفولة، وكذلك مخازن عربة منظمة "أدرى الدوائية". إضافة إلى ذلك، يوجد مبنى مكتب الصحة وإدارة المستشفى.

وعندما سألناه عن توفر خدمات حضانة الأطفال والعمليات القيصرية، أشار إلى أن المستشفى يوفر حاليًا 6 حضانات أطفال تعمل بكفاءة عالية. كما أكد أن العمليات القيصرية تُنفذ بصورة طبيعية.

وفيما يتعلق بالوضع الإداري للمستشفى، أشار الدكتور سالم إلى أنه يتولى حاليًا القائم بأعمال مدير المستشفى بعد استقالة المدير السابق عبدالناصر الصبيحي. وأضاف أن المدير السابق قدم استقالته في شهر سبتمبر المنصرم، لكنه ليس مطلعًا على الأسباب الدقيقة لهذه الاستقالة، مرجحًا أنها قد تكون نتيجة لاكتفاء المدير بما قدمه خلال فترة إدارته.

أما عن الشكاوى التي يرفعها المواطنون حول عدم حصولهم على أدوية مجانية، أوضح الدكتور سالم أنه لا يوجد دعم حالي من المنظمات الدولية في هذا الصدد. وأكد أن الدعم الذي تلقاه المستشفى سابقًا كان محدودًا جدًا وتوقف منذ فترة. أشار إلى أن منظمة "إنترسوس" قدمت دعمًا في الماضي، مثل توريد 5 إلى 10 كراتين من السوائل الوريدية، لكن هذا الدعم توقف تمامًا. وأضاف أن الأدوية التي تصل إلى المستشفى حاليًا هي تابعة لمنظمة "أدرى" التي تقوم بتوزيعها عبر العربة المتنقلة في القرى والأرياف، دون أن تكون مرتبطة مباشرة بإدارة المستشفى. أما صيدلية المستشفى، فإن عملها يعتمد على توفر الإمكانيات في غياب أي دعم خارجي مستدام.

وفي ختام حديثه، أعرب الدكتور سالم عن أمله في أن تتدخل المنظمات الدولية بشكل أكبر لدعم المستشفى، خصوصًا في ظل الاحتياجات المتزايدة للمواطنين والضغط المتزايد على الخدمات الطبية.

وللايضاح أكثر نزلنا إلى موقع المشروع والتقينا مع المهندس محمد اليوسفي، مدير مشروع إعادة تأهيل المشفى وهذه مداخلته حيث قال إن الغرف المستحدثة داخل "حوش" المستشفى هي ثلاثة مباني وهي مبنى الغازات الطبية ومبنى الأكسجين ومبنى لمولد للكهرباء وفيما الأعمال الإنشائية داخل مبنى المستشفى القديم هي

الأقسام الرئيسية: قسم العمليات، وحدة العناية المركزة، وأجنحة المرضى، والمختبر وبنك الدم.

وبحسب اليوسفي فأن أعمال التجديد تتمثل في استبدال النوافذ والأبواب، صيانة القواطع، هدم واستبدال الجدران، تجديد بعض البلاط والأسقف المستعارة، معالجة تسرب المياه وصيانة الدهانات.


أما الأعمال الميكانيكية تتمثل في تجديد دورات المياه، تركيب خزانات مياه جديدة، نظام الإطفاء، التكييف المركزي، تمديد شبكات الغازات الطبية.

والأعمال الكهربائية هي عبارة إنشاء التأسيسات الكهربائية والأنظمة الداعمة (المراقبة، استدعاء الممرضات، التحكم في الوصول)، وتركيب مولد كهربائي 250kva.

ويهدف هذا المشروع إلى تحسين المرافق الصحية لتقديم خدمات طبية أفضل.

وأكد أن التكلفة المتفق عليها مع الشركة المنفذة بلغت 865,000 دولار أمريكي ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع في شهر ستة من عام 2025م.

ويهدف هذا التقرير إلى التحقق من جدوى مشروع ترميم مستشفى ردفان العام بتكلفة مليون دولار، وتقييم مدى استدامته وشفافية إدارته في ظل تزايد الحديث عن التكلفة والمخرجات التي سيوفرها هذا المشروع لخدمة مديريات ردفان الأربع.

وقال معد التقري أنه واجه تحديًا رئيسيًا أثناء الإعداد تمثل في عدم توفر أي وثائق متعلقة بالمشروع من الجهات المختصة رغم تقدمنا إليها بطلبات رسمية. وهذا يثير العديد من التساؤلات ويضع علامات الاستفهام حول شفافية إدارة المشروع. فمن غير المنطقي أن تغيب هذه الوثائق عن الجهات المسؤولة في المديرية، وأن لا تملك أي نسخ من وثائق الاتفاقيات. لذلك، اكتفينا بوضع علامات استفهام عالقة بين قوسين انتظارًا للإجابة من أي جهة مركزية أو رقابية.

وتوصل معد التقرير إلى تناقضات في الأرقام المتعلقة بتكلفة المشروع، حيث تؤكد الجهات المعنية في المديرية أن التكلفة الكلية للمشروع هي مليون دولار، بينما تؤكد الشركة المنفذة عبر المهندس محمد اليوسفي المسؤول عن المشروع، أن التكلفة الإجمالية المتفق عليها هي 865,000 دولار.

وبناءا على تأكيد مكتب الصحة عن عدم وجود لديه أي وثائق تقدمنا بطلب رسمي إلى مدير عام مديرية ردفان الشيخ فضل عبدالله القطيبي وفق القوانين واللوائح المنظمة المتعلقة بالعمل الصحفي وطلبنا منه تزويدنا ببعض الوثائق المتعلقة بهذا المشروع.

وبدوره أكد أنه لا توجد لديه اي نسخة من وثائق تتعلق في هذا المشروع من عقود الاتفاقيات المبرمة مع الجهة الداعمة أو الشركة المنفذة أو أوراق المناقصة.

أما عن الكوادر المؤهلة، فلا توجد حتى الآن كوادر جاهزة لتشغيل المرافق الجديدة، خاصة العمليات وغرفة العناية المركزة. هذا يطرح تساؤلات حول قدرة المشروع على التشغيل المستمر لهذه المرافق.

ومن جهة أخرى، لوحظ أن هناك مباني سكنية داخل حوش المستشفى تم اغتصابها وتحويلها إلى سكن خاص، بينما يفتقر المستشفى إلى أبسط المباني مثل المخزن أو مركز العزل. كما من المتوقع أن يتم بناء مركز غسيل كلوي.
  • غياب التخطيط
غياب التخطيط الاستراتيجي والذي يمثل تحدياً إضافيًا، إذ أن التجارب السابقة أثبتت أن نقص الدراسات الشاملة يؤدي إلى إهدار الموارد وعدم تحقيق الأهداف المنشودة. ومثال على ذلك إعادة هدم وترميم المشفى ذاته في ظل أنه تم ترميمه في عام 2016 من قبل أبناء يافع في الصين، إضافة إلى مشروع حفر بئر ارتوازي في الصلعى مع تركيب منظومة طاقة شمسية كاملة، والذي كلف 124 ألف دولار، أثناء فترة المدير العام السابق مشعل الداعري ورغم تلك التكلفة العالية، إلا أنه توقف المشروع واخلي من جميع المعدات بعد شهرين فقط من افتتاحه ويعود ذلك لسبب مياه الصرف الصحي "المجاري" المحيط بتلك المنطقة منذ زمن بعيد، وهي أحد أسباب توقف المشروع وتعطلة تماماً حسب ما أفادنا به المدير العام الشيخ فضل القطيبي، وهذا يفرض علينا أن نوجه الانتقاد الحاد عن اي مشاريع تتم دون دراسه مسبقه ونسعى جاهدين آلى أن تلتزم الجهات المختصة في وضع خطط استراتيجية للمستقبل لضمان الاستفادة من كل المشاريع التنموية والخدمية بالمديرية.
  • تساؤلات ملحة
وبما أن السلطة المحلية ومكاتب الصحة بالمحافظة ليس لديهم أي وثائق متعلقة بالمشروع، فهل هذا يعني أن الجهة الممولة لم تمنحهم أي وثائق رسمية توضح تفاصيل المشروع؟ أم أن هناك أسبابًا أخرى أحالت في عدم إظهار أي وثائق؟ هل تأخذ السلطة المحلية بالمديرية ومكتب الصحة بالمحافظة في الاعتبار تكاليف المشروع وما قد يترتب عليه من التزامات مستقبلية؟ وهل هناك جهة رقابية وإشرافية ذات كفاءة عالية تقدر تكاليف الأعمال والأجهزة المستوردة لقياس المبلغ الممنوح مع ما تم تقديمه من خدمات ومطابقا مع المعايير؟

وانطلاقًا من التحديات والملاحظات المذكورة، تبرز ضرورة ملحة لإعداد خطة استراتيجية شاملة لتطوير المستشفى، تشمل تصاميم هندسية تراعي التوسعات المستقبلية مع تخصيص مساحة لإضافة مرافق جديدة أو أقسام متخصصة. كما يُوصى باستعادة المباني المغتصبة داخل حوش المستشفى للاستفادة منها في توسيع الخدمات الصحية. وفيما يخص تعزيز الخدمات الطبية، من الضروري توفير جهاز أشعة مقطعية لتخفيف معاناة المرضى الذين يجبرون على السفر إلى عدن، مع المطالبة بدعم إسعافات أخرى أو ضمان توفير الوقود للمركبات الحالية. كما ينبغي وضع خطة تشغيلية مستدامة للأجهزة والمعدات مع متابعة الصيانة الدورية لضمان استدامة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى من خلال توفير الكوادر المؤهلة لتشغيل المرافق الجديدة.

ويمثل مشروع ترميم مستشفى ردفان العام فرصة كبيرة لتحسين الخدمات الصحية في مديريات ردفان الأربع وليس في مدينة الحبيلين وما جاورها فقط. لكن نجاح مشاريع مثل هذه مرهون بالتخطيط الاستراتيجي السليم، والالتزام بالشفافية، وضمان استدامة المخرجات.

والمسؤولية لم ترتبط بالجهات الحكومية فقط بل هي مسؤولية رئيسية بالنسبة للمجتمع من أجل ضمان نجاح هذا المشروع والمشاريع الأخرى لتحقيق أهداف مستدامة تخدم المجتمع ككل. والشفافية والمساءلة هما أساس نجاح أي مشروع تنموي، ومن خلالهما نستطيع ضمان تحسين الخدمات الصحية وتحقيق تطلعات أبناء مديرية ردفان.

وعليه، فإننا نأمل أن يكون هذا التقرير بمثابة دعوة صادقة لتوحيد الجهود والعمل المشترك، لضمان أن تتحول هذه التحديات إلى فرص لبناء نظام صحي أكثر كفاءة واستدامة، قادر على تلبية احتياجات المواطنين وتخفيف معاناتهم.