> عدن «الأيام» غرفة الأخبار:

لم تعد تجارة الحوثي المظلمة بعيدة عن أعين اليمنيين، فالاقتصاد السري الموازي الذي شيدته المليشيات للتحكم بالأسواق بات تحت المجهر.

وكشف تقرير يمني حديث عن تأسيس جماعة الحوثي نحو 200 شركة ضمن مخطط للمليشيات لإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في البلاد وفقًا لمصالحها، مستخدمة أدوات متعددة لفرض سيطرتها على القطاعات الحيوية.

واعتمدت جماعة الحوثي استراتيجية تقوم على استبدال رؤوس الأموال الوطنية بشبكات مالية تديرها شخصيات وكيانات موالية لها، مما أدى إلى إحكام قبضتها على التدفقات النقدية والتحكم في الأسواق، وفقًا لتقرير صادر عن مركز (P.T.O.C) اليمني للأبحاث والدراسات المتخصصة، ونشرته أمس صحيفة "العين الإخبارية" الإماراتية.

توصل التقرير إلى قائمة محدثة من شركات جماعة الحوثي التي تمارس أنشطة مشبوهة من خلال الاعتماد على مصادر متعددة، من بينها وثائق مسربة، وتقارير مصرفية، ومعلومات من مصادر موثوقة داخل القطاع المالي للمليشيات.

وتشكل هذه الشركات العمود الفقري للاقتصاد السري للحوثيين، وتكشف حجم التغلغل الذي وصلت إليه الجماعة في الاقتصاد الوطني، ومدى قدرتها على تحويل الموارد لصالحها على حساب معاناة المواطنين.

ويوثق الجزء الثالث من تقرير "الكيانات المالية السرية للحوثيين" للمركز، إنشاء المليشيات قرابة 200 شركة جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية، مسجلة بأسماء شخصيات موالية لهم أو مقربين من قادتهم، بهدف الالتفاف على العقوبات الدولية والقيود المفروضة على الكيانات المرتبطة بهم.

وحدد التقرير قائمة من 200 شركة، تبدأ بشركة "مجد الحضارة للإنشاءات والمقاولات والاستثمار العقاري" المملوكة للقيادي الحوثي علي علي أحمد محمد، وتنتهي بشركة "بريق المعادن للصناعات الاستخراجية والاستثمار المحدود" المملوكة للقيادي عبدالله عبدالله عبدالكريم الحيمي.

وتعمل هذه الشركات في مجالات حيوية مثل الصرافة التي تُستغل في غسل الأموال، والتجارة، والاستيراد والتصدير، والعقارات، والطاقة، مستفيدة من غياب الرقابة الحكومية بسبب الحرب الانقلابية منذ أواخر 2014.

ووفقًا للتقرير، فإن هدف نشر هذه المعلومات هو رفع الوعي العام بمخاطر الاقتصاد السري للحوثيين، وفضح الآليات التي تعتمدها المليشيات لغسل الأموال وتمويل أنشطتهم، سعيًا نحو تحقيق الشفافية المالية، وحماية الاقتصاد اليمني من الانهيار.

وعمد الحوثيون إلى السيطرة على الشركات المملوكة لخصومهم السياسيين أو لمستثمرين غير موالين لهم، عبر وسائل متعددة، من بينها المصادرة المباشرة، أو فرض وصاية مالية وإدارية تحت ذريعة الرقابة الاقتصادية، أو حتى فرض ضرائب ورسوم باهظة تدفع أصحاب رؤوس الأموال إلى التخلي عن أعمالهم لصالح المليشيات.

وتبرز سيطرة جماعة الحوثي على شركة "MTN" وتغيير اسمها إلى "YOU" كأحد النماذج لسيطرة المليشيات على قطاع الاتصالات في اليمن عبر شبكة معقدة من العمليات المالية والاتفاقات السرية التي قادها عدد من الشخصيات المرتبطة بالحارس القضائي للمليشيات.

وبحسب التقرير، فقد لعب القيادي إبراهيم محسن علي النجار (إبراهيم محسن السويدي) الدور المحوري في استحواذ مليشيات الحوثي على شركة "MTN" في اليمن وانتقال ملكيتها إلى جهات تابعة للحوثيين بطريقة لا تثير الشبهات، ثم تغيير اسم الشركة إلى "الشركة اليمنية العمانية للاتصالات" (YOU).

وتوزعت ملكية الشركة بين عدة جهات، منها شركة "شبام القابضة"، التي يديرها القيادي الحوثي عبدالله الشاعر، وزارة داخلية المليشيات تحت إدارة علي سالم الصيفي، والقيادي علي ناصر قرشه، أحد أبرز واجهات الاستثمار الحوثية، وحسن محمد الكبوس، ممثل عن القطاع الخاص.

وضمنت ترتيبات السويدي، الذي أصبح رئيس مجلس إدارة الشركة، بقاء قطاع الاتصالات تحت سيطرة الحوثيين، مع استخدامه كأحد المصادر الأساسية لتمويل عملياتهم عبر العمولات الضخمة التي تجنيها من المشتركين والخدمات الرقمية.

ويشير التقرير إلى أن السويدي يعمل بشكل وثيق مع شخص يدعى إسماعيل محمد عبدالله الأكوع، وهو يمني يحمل الجنسية الألمانية، حيث يديران استثمارات مشتركة تشمل سلسلة مطاعم وعددًا من المشاريع التجارية، مع تسجيل تحويلات مالية متكررة عبر شبكات مصرفية وصرافين في الخارج.

وبذلك تمثل قضية شركة "YOU" نموذجًا واضحًا لآلية سيطرة الحوثيين على القطاعات الحيوية في اليمن، حيث يتم استخدام أدوات مالية وقانونية معقدة لضمان تدفق الأموال إلى خزائن الانقلابيين، بعيدًا عن أي رقابة أو محاسبة، وفقًا للتقرير.