> «الأيام» غرفة الأخبار:

في ظل استمرار تدهور الريال اليمني واحتدام المضاربات في السوق الموازي أعلن البنك المركزي اليمني في عدن عن حزمة إجراءات تهدف إلى ضبط السياسة النقدية والحد من الانهيار المستمر للريال، وإزاء ذلك تباينت آراء الخبراء والمصرفيين بشأن فعالية هذه التدابير وقدرتها على استعادة الاستقرار المالي.

أصدر البنك المركزي في 23 فبراير مجموعة من الإجراءات التنظيمية التي تضمنت فرض قيود مشددة على عمليات الصرافة والتحويلات، وحظر التعامل بالعملات الأجنبية عبر التطبيقات الإلكترونية، وألزمت التعليمات الجديدة شركات الصرافة بتسجيل بيانات العملاء بدقة عند شراء وبيع العملات الأجنبية، بالإضافة إلى بيع فوائض العملة الأجنبية للبنوك المرخصة يومياً وفقاً لسعر السوق.

وأكد البنك المركزي أن هذه الإجراءات تأتي ضمن جهوده لمكافحة المضاربات بالعملة المحلية، مشدداً على تكثيف التفتيش الميداني لضمان الالتزام بها، محذراً من فرض عقوبات صارمة تصل إلى إلغاء التراخيص بحق المخالفين.

واعتبر أمين عام نقابة الصرافين الجنوبيين، عدنان محمد الحميد، أن هذه القرارات "غير عملية" و"غير كافية" لوقف تدهور العملة، مشيراً إلى أن نقابة الصرافين قدمت مقترحات بديلة لكنها لم تلقَ تجاوباً. وأوضح أن تسجيل بيانات العملاء يستغرق وقتاً طويلاً ولا يتماشى مع واقع السوق النقدي.

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى نصر أن هذه التدابير ضرورية لمواجهة الفوضى في السوق الموازي، مشيراً إلى أن تنظيم سوق الصرافة يعد خطوة أساسية لاستقرار العملة. وأضاف أن البنك المركزي بحاجة إلى تبني حزمة متكاملة تشمل تعزيز الرقابة على الكتلة النقدية وتوفير العملة الصعبة لتمويل الاستيراد.

من جانبه، أشار الأكاديمي وعضو اللجنة الاقتصادية بالمجلس الانتقالي الجنوبي د. سعودي علي عبيد إلى أن البنك المركزي يواجه تحديات كبرى بسبب غياب هيكلية الدولة الناتجة عن الحرب، ما أدى إلى ضعف فعالية سياساته النقدية، ولفت إلى أن عدم السيطرة على الكتلة النقدية المتداولة أسهم في تفاقم الأزمة، إذ يسعى التجار والمواطنون إلى شراء العملات الأجنبية لحماية مدخراتهم.

يرى خبراء أن انهيار الريال اليمني يعود إلى عدة عوامل، من بينها توقف تصدير النفط، وغياب الرقابة الفعالة، وتزايد المضاربات في السوق الموازي. كما أن استمرار التعاملات النقدية خارج النظام المصرفي يعمق الأزمة ويؤثر على استقرار السوق.

وشدد وحيد الفودعي الخبير المصرفي على ضرورة تعزيز الرقابة الميدانية من خلال فرق تفتيش متخصصة، مع تطبيق عقوبات صارمة على المخالفين. وأكد أن إصدار فواتير إلكترونية للمعاملات المالية يسهم في بناء قاعدة بيانات دقيقة تساعد في تنظيم السوق.

وأكد مصطفى نصر أن معالجة الأزمة تتطلب وضع قواعد واضحة لتنظيم عمل شركات الصرافة، وإلزامها بتوريد فوائض العملة إلى البنوك الرسمية لضمان تداول النقد بشكل منظم، وشدد على أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة داخل البنك المركزي لضمان تنفيذ السياسات النقدية بفعالية.

في المقابل، دعا عدنان الحميد إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على تداول العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن المضاربين يستغلون غياب التنظيم للتلاعب بسعر الصرف، وأضاف أن الحل يكمن في وضع آلية تلزم شركات الصرافة بتوريد مشترياتها من العملات الأجنبية إلى البنك المركزي لضمان السيطرة على السوق.

وبينما تتواصل الجهود لضبط سوق الصرافة يظل السؤال الأهم: هل سيتمكن البنك المركزي اليمني من إدارة هذه المرحلة العصيبة بأقل الخسائر، أم أن الأزمة النقدية ستستمر في التفاقم؟